
في كلمات قليلة
شارك الموسيقي كوريي بذكريات مؤلمة عن الإبادة الجماعية في رواندا، حيث نجا بأعجوبة بعدما قُتلت عائلته أمامه. يتحدث عن صدمته ورحلة التعافي النفسي الصعبة وأفكاره حول الغفران.
في شهادة مؤثرة، تحدث الموسيقي الشهير كوريي (Corneille) عن نجاته المأساوية خلال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، حيث كان شاهداً على مقتل جميع أفراد عائلته. شارك الفنان تفاصيل تلك الليلة المروعة ورحلته الطويلة للتعافي النفسي.
تذكر كوريي، وهو من أصل رواندي، أحداث الخامس عشر من أبريل 1994. قال مغني أغنية "Parce qu’on vient de loin": «دخل رجال مسلحون إلى منزلنا، وجمعوا جميع أفراد عائلتي في غرفة المعيشة، ثم أطلقوا النار على الجميع». وأضاف: «قفزتُ غريزياً خلف الأريكة. في الواقع، لم يستغرق الأمر سوى 45 ثانية، لكن بدا لي وكأنه لا نهاية له. لقد نجوت من المذبحة. الجميع ماتوا، إلا أنا». وأوضح أن المهاجمين فروا بعد ذلك.
شدد الفنان البالغ من العمر 48 عاماً على أنه احتاج لعقود من العمل النفسي الشاق لإعادة بناء نفسه، والتوفيق بين الذاكرة الواقعية للأحداث والشعور العاطفي بتأثيرها النفسي عليه. قال كوريي، واسمه الحقيقي كورنيليوس نيونغورا: «كل عمل التحليل النفسي الذي قمت به كان لأصل في يوم من الأيام إلى التوفيق بين هذين العنصرين، لأتذكر أن الرجل نفسه هو من عاش ذلك. إنه ليس شخصاً آخر خارج عني شاهد هذه المشاهد المأساوية، بل هو أنا بنفسي».
عند سؤاله عن شعوره بعد الصدمة، قال: «شعرت بالكثير من الغضب. لكن الشيء الوحيد الذي لم أشعر به أبداً هو روح الانتقام». اعترف بأنه شعر بالغضب تجاه بلده، رواندا، وأنه كتب أغنية عبر فيها عن هذا الغضب، قائلاً إن رواندا لن تكون بلده بعد الآن. كما شعر بالغضب تجاه والده لعدم قدرته على إنقاذ العائلة أو تحذيرهم من المأساة.
هؤلاء الرجال، لا يمكنني أن أغفر لهم، ليس لدي سلطة المغفرة، آمل أنهم غفروا لأنفسهم.
كوريي عن الرجال الذين قتلوا عائلته.
وتابع: «عندما يسألونني: "هل تسامح هؤلاء الرجال الذين دخلوا منزلكم في تلك الليلة من الخامس عشر من أبريل 1994؟"، أقول: "لا أستطيع أن أغفر إلا لنفسي، آمل أنهم غفروا لأنفسهم"». يعتقد كوريي أن «الإرادة الحرة وهم كبير»، وأننا جميعاً «نتاج ظروفنا»، متسائلاً من الذي عانى أكثر في هذا الموقف: الضحية أم الجلاد.
قال كوريي محللاً: «أنطلق من مبدأ أن الجلاد ربما هو من عانى أكثر، لأنه يجب أن يكون قد عانى من العذاب ليعتبر نفسه يوماً ما مخولاً لأخذ حياة شخص آخر». وأضاف أنه كان عليه أن يفهم لماذا لم تخطر بباله أبداً فكرة حمل السلاح، حتى في حديثه أو أغانيه، وأن يكون خطابه يميل نحو الانتقام. في رأيه، ذلك لأن والديه «ملأاه حباً قوياً بما يكفي ليجعله يفهم أن حياته تستحق أن تعاش».
يعيش كوريي الآن حياة عائلية سعيدة وهو أب لطفلين. وقد أصدر مؤخراً كتاباً بعنوان «لحن الغفران» (La mélodie du pardon) يشارك فيه تجاربه وأفكاره حول تجاوز الصدمة.