
في كلمات قليلة
شارك الممثل لوسيان جان باتيست تجاربه مع العنصرية والتمييز الذي واجهه منذ طفولته وحتى في مسيرته الفنية في فرنسا. تحدث عن صعوبة العثور على أدوار بسبب لون بشرته وكيف بدأ بإنتاج أعماله الخاصة لمواجهة الصور النمطية والتحيزات المجتمعية. أكد على أهمية فهم التحيزات اللاواعية وضرورة الحفاظ على التفاؤل من أجل الأجيال القادمة.
كشف الممثل والمخرج المعروف لوسيان جان باتيست عن تجاربه الشخصية مع العنصرية والتمييز، وذلك في سياق مشاركته في برنامج تلفزيوني خاص يتناول مكافحة التحيزات والقوالب النمطية التي تغذي السلوك التمييزي.
يستكشف البرنامج، عبر تجارب علمية مع متطوعين، الآليات اللاواعية وراء الصور النمطية والتحيزات التي تؤدي إلى التمييز. شارك لوسيان جان باتيست كأحد المتخصصين المعلقين على ردود فعل المشاركين، مستفيداً من تجاربه الحياتية.
قال جان باتيست إنه وافق على المشاركة لأنه يحب طرح الأسئلة المعقدة، معبراً عن أمله في أن يساعده البرنامج على فهم سبب تعرضه للسخرية بسبب لون بشرته عندما كان طفلاً.
يرى الممثل أن السؤال الأهم ليس «هل نحن جميعاً عنصريون؟» بل «هل سننجح في تجاوز اختلافاتنا؟ وهل ستستمر هذه الاختلافات في خلق عدم المساواة؟». يرتبط هذا الموضوع بعمق بتاريخه، حيث شارك سابقاً في أفلام وثائقية تناولت كراهية الأجانب ومعاداة السامية والعنصرية.
على الرغم من أن جان باتيست لم يقصد في البداية أن يكون فيلمه الأول «النجمة الأولى» عن قضايا عرقية – كان يروي قصة أب فقير يريد أن يجلب الفرح لأطفاله بتعريفهم على الثلج والتزلج، مستلهماً من قصة والدته – إلا أنه فوجئ بردود الأفعال التي ركزت فوراً على لون بشرة الشخصيات، مثل قول «يا للروعة، قصتك عن السود الذين يذهبون للتزلج!». دفعه ذلك لإدراك مدى ميل المجتمع لتصنيف الناس وتحديدهم بلون بشرتهم.
يشبه هذه التجربة بما تواجهه المخرجات النساء اللواتي يُسألن عما إذا كن يصنعن «أفلاماً نسائية». ويعتبر أن الحاجة المستمرة لوصف لون بشرة الأشخاص، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأقليات، تثير تساؤلات جادة.
في فيلمه الثاني «لديه بالفعل عينيك»، تعمد جان باتيست تناول مسألة لون البشرة بشكل مباشر، متحدثاً عن أطفاله المختلطي العرق. يعبر عن استيائه وإرهاقه من الطريقة التي يتم بها تصنيف الناس بناءً على لون بشرتهم بدلاً من أصلهم أو قارتهم، مثل «السود والعرب والآسيويين»، متسائلاً: «لماذا لا نقول: سود، بيج، فاتحون وأصفرون؟».
الهجرة من المارتينيك إلى فرنسا في سن الثالثة من خلال برنامج حكومي، فتحت له آفاقاً جديدة، لكنها أيضاً كشفت له مبكراً معنى العنصرية، حيث تعرض للإهانة من قبل الأطفال في مثل عمره. تعلم كيف يتسلح بالعلم والمعرفة للدفاع عن نفسه. ومع ذلك، لم يسمح لنفسه بتحقيق حلم طفولته في أن يصبح ممثلاً على الفور، بل عمل في مجال الإعلانات قبل أن يقرر متابعة شغفه في سن الثلاثين بعد حدث شخصي مأساوي.
يقول إن العقبة الرئيسية التي واجهها كممثل هي ندرة الأدوار المناسبة لذوي البشرة السمراء. تكررت عبارة «أنا أحبك كثيراً يا لوسيان، أنت ممثل جيد، لكن ليس لدي دور لرجل أسود» مرات لا تحصى، مما دفعه لإنشاء مشاريعه الخاصة.
أحد أبرز نجاحاته هو مسلسله الذي لعب فيه دور البطولة كضابط شرطة من جزر الأنتيل. يشعر بالفخر بقدرته على استخدام فنه لتمرير رسائل هادئة وتحطيم القوالب التي يحاول المجتمع حصرهم فيها. يرى أننا جميعاً أسرى لمعايير وقوالب نمطية، وعلينا الكفاح ضد التكييفات والتحيزات اللاواعية التي تسجننا.
«ربما كوني ولدت أسود، فتح عيني على التمييز وعدم المساواة، وجعلني أكثر حساسية تجاه قضايا مثل سوء معاملة الأطفال، من بين أمور أخرى»
على الرغم من الألم اليومي الذي يسببه له كل ذلك، يجد جان باتيست ملاذاً في الفن والثقافة والضحك لجعل الحياة محتملة. يقول إنه لو استسلم لمشاعره، لبكى كل يوم، لكنه يجد نفسه مضطراً للبقاء متفائلاً من أجل أطفاله.
يعترف الممثل بأنه يمتلك أيضاً تحيزات خاصة به، وهذا ما يجعل النقاش والتبادل ضرورياً. ويرى أن برامج الخدمة العامة التي تتناول هذه القضايا ضرورية، خاصة في السياق الحالي الحساس.
«في هذه التجربة التلفزيونية، أنا لست هنا لأكون ضمانة للفكر الصائب، ولا للرد على المتطرفين»
هدفه هو محاولة فهم أنفسنا، وما يحدث في عقولنا، وكيف يؤثر المجتمع على خياراتنا اليومية وتربية أطفالنا. ويرى أن الفهم هو مفتاح مكافحة تحيزاتنا الخاصة.
منذ مشاركته في مثل هذه البرامج، يتلقى رسائل غير سارة من جماعات متطرفة تتهمه بالترويج للهجرة وتهدد أطفاله. لا يأخذ الممثل هذه التهديدات على محمل الجد، بل يعتبرها دليلاً على أن أعماله شوهدت، وربما ستجعل البعض يفكر. يؤمن بأنه في مجتمع ديمقراطي، لا يمكن منع الناس من التفكير أو التعبير عن آرائهم. يأمل أن يلهم مساره الفني الأولاد الصغار ذوي البشرة السمراء لتحقيق أحلامهم.