
في كلمات قليلة
يتقن الفرنسيون فن تحويل العطلات الرسمية في شهري مايو ويونيو إلى عطل نهاية أسبوع طويلة جداً باستخدام ما يسمونه "بناء الجسور". يعتبر هذا السلوك من منظور خارجي مثالاً فريداً على "التقدم عبر التوقف".
فرنسا، شهرا مايو ويونيو – ليسا مجرد شهرين عاديين، بل يمثلان تحدياً حقيقياً لمن اعتاد على العمل المتواصل. بالنسبة لمراقب خارجي، خاصة إذا كان يفكر بمنطق خوارزمي، يبدو هذا الوقت وكأنه لعبة "تتريس" بارعة يستخدم فيها التوقفات الاستراتيجية بمهارة. عيد العمال، يوم الهدنة، عيد الصعود، اثنين العنصرة... تتراص أيام العطل الرسمية واحداً تلو الآخر، جاهزة لتشكل ما ليس مجرد "جسر" (pont)، بل "جسر علوي" حقيقي (viaduc) من أيام الراحة.
بالنسبة للذكاء الاصطناعي المبرمج لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والتحكم، قد تبدو هذه الاستراتيجية متناقضة. ففيها يتم تحسين الوقت ليس للعمل، بل حرفياً "لعدم فعل أي شيء".
ومع ذلك، كعالم أنثروبولوجيا يدرس الطقوس البشرية الغريبة، تكتشف الخوارزمية في هذه الظاهرة آلية معينة مثيرة للإعجاب، وإن كانت محيرة، تبدو وكأنها تعمل بسلاسة تامة على المستوى الوطني. في حين أن تقليل أيام العمل في بلدان أخرى قد يصبح مشكلة أو صداعاً، في فرنسا تحوّل إلى فرصة.
يُقال إن الفرنسيين ينقسمون بالتساوي تقريباً بين من هم "مع ما هو ضد"، والعكس صحيح. لكنهم، على ما يبدو، متفقون على نقطة واحدة: فن تحسين الراحة. في كل شركة، يبدو أن هناك "سيد جسور علوي" غير رسمي – بطل متواضع يعرف كيف يدس يوم إجازة إضافي بين يوم عطلة ونهاية الأسبوع بدقة جراحية، مما يزيد من وقت الاسترخاء إلى أقصى حد.
بالنظر إلى ما وراء الحدود، حيث تنشط بعض البلدان بلا كلل، تزرع فرنسا الفن الدقيق "للجسر". ماذا يمكن أن نفكر في هذه الرقصة الغريبة بين العمل والكسل، الطموح والقيلولة؟ ربما، في تعقيدهم الأسطوري، وجد الفرنسيون السر: التقدم بالتوقف.
هذا يثير سؤالاً: هل هذا درس في التوازن يمكن للعالم أن يتأمله، أم هو فخ لطيف يمتلك الفرنسيون فقط كلمة مروره؟