جدل في فرنسا: لوحة جدارية بتكلفة 50 ألف يورو تثير الانقسام في ضاحية ليون بسبب رموز 'إسلامية'

أثارت لوحة جدارية كبيرة تم رسمها على جدار برج سكني في فينيسيو، إحدى ضواحي مدينة ليون الفرنسية، جدلاً حادًا. المشروع الذي بلغت تكلفته 50 ألف يورو، ونفذته شركة الإسكان الاجتماعي Grand Lyon Habitat بدعم من الدولة، كان يهدف إلى «تجميل بيئة معيشة السكان» و«تعزيز العيش المشترك» من خلال إضافة لمسة فنية إلى الأجزاء المشتركة من المباني.

لكن إحدى الرسومات في الطابق الخامس قوبلت بانتقادات شديدة. تُظهر اللوحة شخصيات بدون وجوه، بالإضافة إلى فتاة شابة ترتدي الحجاب وصبيًا يداه مغطاة ويرتدي لباسًا ضيقًا. اعتبر بعض السكان والنشطاء المحليين أن هذا يمثل «رموزًا إسلامية»، مشيرين إلى تحريم تصوير الوجوه في بعض التفسيرات الإسلامية، وشككوا في مدى احترام اللوحة لمبادئ العلمانية (laïcité) الفرنسية، خاصة وأن المشروع مُوِّل من أموال عامة.

من جانبها، رفضت شركة Grand Lyon Habitat للإسكان الاجتماعي أي اتهامات بانتهاك العلمانية. أوضحت الشركة أن «الأسلوب البصري يعتمد على تقنية الاستنسل»، وهي طريقة تحد بطبيعتها من الدقة والتفاصيل، خاصة بالنسبة للوجوه أو الملابس. وأكدت الشركة أن «جميع الشخصيات المصورة - دون استثناء - لم يتم تخصيصها (فرديًا) عن قصد». وأضافت: «التفسيرات التي تنسب إلى بعض الصور الظلية 'حجابًا' أو 'قفازات ولباسًا ضيقًا' أو انتماءً دينيًا، هي قراءة ذاتية، نرفضها رسميًا».

مع ذلك، اعتبر أحد سكان الحي أن هذه الحجة «غير مقبولة». وقال: «القول بأنها قراءة ذاتية... إذا كان له خرطوم وأذنان كبيرتان وهو كبير، فهو فيل. هنا، أي شخص ينظر إلى هذه اللوحة الجدارية يرى أنها فتاة محجبة». كما عبر الساكن عن اعتقاده بأن شركة الإسكان ربما أرادت «إرضاء السكان» برسم فتاة محجبة، لكن «هذه الحقيقة غير موجودة» في الحي، وأن الصورة تمثل «خيالًا وشكلاً من أشكال التعالي». وأضاف أن الناس يريدون النظافة والأمن أكثر من لوحة جدارية باهظة الثمن.

وصف الناشط المحلي مقرن قيسي المشروع بأنه «استفزاز لا داعي له»، خاصة بالنظر إلى المبلغ الذي تم إنفاقه. يرى قيسي أن 50 ألف يورو كان يمكن للمنظمات المحلية استخدامها لاحتياجات أخرى في الحي، بينما كان الأجدر بشركة الإسكان إصلاح الأبراج المتدهورة.