تصدر الممثل البريطاني جوش أوكونور قائمة النجوم الأكثر حضوراً وتأثيراً في الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائي، حيث يشارك ببطولة فيلمين دفعة واحدة ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان. هذا الحضور المزدوج يؤكد مكانة أوكونور كنجم صاعد وموهبة بريطانية بارزة على الساحة العالمية.

الفيلمان هما «تاريخ الصوت» (The History of Sound) للمخرج أوليفييه هيرمانوس، و«العقل المدبر» (The Mastermind) للمخرجة كيلي ريتشاردت. في الفيلم الأول، يجسد أوكونور شخصية ديفيد، طالب الموسيقى الذي يدخل في علاقة عاطفية مع مغني شاب، قبل أن تفرق بينهما الحرب العالمية الأولى. أما في «العقل المدبر»، فيلعب دور فنان يخطط لسرقة أعمال فنية خلال حرب فيتنام، ويشاركه البطولة النجمة ألانا حاييم.

من الأمير تشارلز إلى السجادة الحمراء

اكتسب جوش أوكونور شهرة واسعة بفضل أدائه لشخصية الأمير تشارلز الشاب في مسلسل «التاج» (The Crown) الشهير، وهو الدور الذي أكسبه جائزة «إيمي». ورغم تردده في البداية بشأن تجسيد شخصية حقيقية، خاصة شخصية ذات ثقل في الوعي البريطاني، إلا أن إخلاصه للدور وقدرته على تقديم أداء مكثف جعلاه يحصد الإشادة النقدية ويفتح له أبواب السينما الكبرى.

يتميز أوكونور بمظهره البريطاني الكلاسيكي، من لهجته الإنجليزية الأصيلة إلى عينيه المتأرجحتين بين الأخضر والأزرق، لكن ما يميزه حقاً هو شغفه الفني والتزامه المطلق تجاه كل شخصية يؤديها.

نشأة فنية والتزام بالدور

ولد أوكونور عام 1990 في ساوثهامبتون ونشأ في عائلة فنية في غلوسترشير؛ فوالده شاعر وأمه رسامة. هذا المحيط الفني شجعه على اكتشاف شغفه بالتمثيل منذ سن مبكرة، حيث كانت بدايته على المسرح في سن الحادية عشرة في مسرحية «ساحر أوز».

بعد تخرجه من مدرسة بريستول أولد فيك المسرحية، انتقل إلى لندن وبدأ مسيرته بأدوار صغيرة في مسلسلات تلفزيونية شهيرة مثل «دكتور هو» و«بيكي بلايندرز». وجاء تحوله الكبير في عام 2017 بفيلم «أرض الرب» (God's Own Country)، حيث جسد دور مزارع في يوركشاير. ولإتقان الدور، أمضى أوكونور وقتاً طويلاً مع مزارعين حقيقيين، مؤكداً أن التمثيل بالنسبة له هو «فضول تجاه حِرف ومهارات الآخرين».

هذا الالتزام تكرر في أدواره اللاحقة؛ فقد تعلم لعب التنس من أجل دوره في فيلم «المنافسون» (Challengers) للمخرج لوكا غواداغنينو، حيث شارك البطولة مع النجمة زيندايا. كما تعلم اللغة الإيطالية من أجل دوره في فيلم «كيميرا» (La Chimera) الذي عُرض في كان أيضاً.

العودة إلى الجذور

على الرغم من الحياة الصاخبة بين لندن ونيويورك، قرر جوش أوكونور في عام 2023 العودة إلى مسقط رأسه في غلوسترشير، حيث اشترى منزلاً بالقرب من مكان نشأته. يرى أوكونور أن المناظر الطبيعية التي نراها في الطفولة تشكلنا، وكان مستعداً للعودة إلى «التلال والحقول والأنهار» بعد سنوات من العيش في المدن الكبرى. هذه العودة إلى الهدوء لا تعني تراجعاً في مسيرته، بل توفر له مساحة للتنفس والاستعداد لمزيد من الأدوار الكبيرة التي تنتظره في المستقبل.