
في كلمات قليلة
يسلط المقال الضوء على "كوزينا بيانكا" أو "المطبخ الأبيض"، وهو تقليد طهي رعوي من منطقة الألب البحرية في فرنسا. يشتهر هذا المطبخ ببساطته واعتماده على المنتجات المحلية، ويُعد طبق "السوجيلي" أحد أبرز معالمه، وهو مُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي.
على عكس الألوان الزاهية التي تتميز بها فنون الطهي الراقية، يظهر "المطبخ الأبيض" أو "Cucina Bianca" بلونه الباهت تقريبًا، لكنه بدأ يكتسب شهرة واسعة في جبال الألب البحرية بفرنسا. سر جاذبيته يكمن في بساطته، فهو يقدم أطباقًا مريحة تبعث على الدفء، تمامًا كما يفعل باتريك تيسير، صاحب أحد النزل في قرية لا بريج الصغيرة المجاورة لإيطاليا، أثناء تحضيره لطبق "السوجيلي".
كلمة "Sügelli" تعني "الختم"، في إشارة إلى الختم الملكي. وتتكون وصفته من ثلاثة مكونات فقط: الدقيق الأبيض، قليل من زيت الزيتون، والماء. يقوم باتريك بتقطيع العجين إلى قطع صغيرة، ثم يشكلها بضغطة خفيفة من إبهامه، مما يمنحها تجويفًا مميزًا. وقد تم إدراج هذا الطبق التقليدي ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي منذ عام 2009.
تعود جذور هذا المطبخ إلى وادي رويا، حيث كان الرعاة يعتمدون على المكونات التي يسهل تخزينها في المراعي الجبلية، مثل الدقيق والبطاطس واللفت، وهي أطعمة باهتة اللون. كانوا يضيفون إليها الأجبان التي ينتجونها من مواشيهم. ولا يزال هذا التقليد حيًا اليوم بفضل رعاة شباب مثل بارتيليمي لانتيري، الذي يرعى قطيعًا من 110 من الأغنام والماعز.
يقول بارتيليمي: "لقد وصلنا قبل أربعة أيام، مع بداية موسم الرعي الصيفي. نتبع العشب الذي ينمو تدريجيًا على المرتفعات حتى تأكل الماشية وتكتسب القوة". بعد أن تشبع الأغنام ويرتاح كلب الرعي، يبدأ بارتيليمي في حلب المواشي. يستخدم الحليب لصنع جبن "التوم" أو "الريكوتا"، ويبيع جزءًا من إنتاجه في القرية، لكنه يستمتع بتذوق هذه الأجبان الطازجة في مخيمه، وهو ما يمثل جوهر المطبخ الأبيض.