
في كلمات قليلة
تؤكد الفيلسوفة إيزابيل ألفانداري أن لعب الأطفال هو أهم وأصدق نشاط يقوم به الطفل. تشرح كيف تساعد الألعاب الأطفال على التعبير عن حقائقهم العميقة، والتعامل مع الصعوبات، ومعرفة أنفسهم.
بالنسبة للفلاسفة والمحللين النفسيين، اللعب هو أخطر شيء بالنسبة للطفل، وفي كثير من الحالات، هو الأكثر صدقاً أيضاً، حتى لو تضمن التخفي أو التظاهر أو التنكر. اللعب هو فرصة للتجارب الأولى، والمتع الأقدم، والتعلم الأكثر أهمية للطفل.
كل أو تقريباً كل الحياة النفسية للطفل تنبع من الألعاب الأولى، حيث يكتشف الطفل جسده ويبدأ في ترويض إحباطه من خلال البحث عن إبهامه، أو مص قبضته، أو الإمساك بلعبته القطيفة، أو دميته، أو ألعابه الصلبة.
ميّز طبيب الأطفال والمحلل النفسي الإنجليزي دونالد وينيكوت بين شكلين من اللعب لا علاقة لهما ببعضهما البعض تقريباً: "اللعب الحر" (playing)، الذي يعد حاسماً في الأوقات الأولى من حياة الطفل، و"اللعبة المنظمة" (game) التي تتم بقواعد، وهي ما يواجهه الطفل لاحقاً.
الأطفال، حتى الصغار جداً، يبتكرون ألعاباً تكشف - قبل وقت طويل من إتقانهم للغة - أعمق حقيقة لوجودهم. سيغموند فرويد، وهو يرعى أحد أحفاده البالغ من العمر 18 شهراً، لاحظ أن الطفل كان يرمي بكرة خشبية مربوطة بخيط بعيداً عنه ثم يعيدها إليه مراراً وتكراراً، ويصاحب حركته بكلمتين بالكاد مفهومتين: «هنا» و«ذهب».
أدرك المحلل النفسي أن لعبة إرنست الصغير كانت معاصرة لمجيء وذهاب والدة الطفل، وأنها كانت تسمح له بتحمل غيابها والعجز الذي يسببه له هذا الغياب. ما يظهره الطفل في اللعب - أو الرسم - هو ما يحركه في العمق، حقيقته الأكثر دقة.
ماذا عن الألعاب التي يتنكر فيها الطفل أو يغير شكله؟ يستمر الطفل في التعبير عن خيالاته من خلال اللعب، والشخصيات التي يتمنى أن يشبهها والتي يتطابق معها. اللعب يحكي حقيقة الطفل، مخاوفه ورغباته. "التظاهر" الذي يلجأ إليه هو خطوة لا غنى عنها ليصبح نفسه. عبارة "من أجل التظاهر" تضع الإنسان الصغير على طريق اكتشاف الذات.