في كلمات قليلة
تشيزوكو كيمورا، مرشدة سياحية سابقة، أصبحت أول امرأة في العالم تحصل على نجمة ميشلان كطاهية سوشي. تولت إدارة مطعم زوجها الراحل في باريس، محققة حلمه وتحديات عالم الطهي.
تشيزوكو كيمورا، البالغة من العمر 55 عامًا، لم تكن يومًا تتخيل أن تصبح طاهية سوشي، ناهيك عن أن تكون أول امرأة في العالم تحصل على نجمة ميشلان المرموقة في هذا المجال. لكن القدر قادها لتتولى زمام مطعم زوجها الراحل "سوشي شونيه" في باريس، لتخليد حلمه وتكريس حبها.
يقع المطعم الهادئ ذو الأخشاب الفاتحة عند سفح منطقة مونمارتر في باريس. إنه مساحة صغيرة وحميمية، مصممة بعناية فائقة لاستقبال ثمانية محظوظين فقط كل مساء للاستمتاع بتجربة سوشي أصيلة أمام طاولة مركزية من خشب السرو الياباني (الهينوكي).
بدأت قصة تشيزوكو كقصة خيالية في باريس. كانت مرشدة سياحية يابانية، وفي إحدى رحلاتها مع مجموعة إلى فرنسا، قررت زيارة مطعم سوشي خلال وقت فراغها. هناك، التقت بـ شونيه كيمورا، طاهي سوشي ياباني عاش في باريس لأربعين عامًا.
كان اللقاء عفويًا، لكنه كان بداية قصة حب قادتهما إلى الزواج في عام 2005. بعد ثلاث سنوات، تركت تشيزوكو اليابان لتستقر في باريس. لسنوات، واصلت مسيرتها كمرشدة بينما عمل زوجها شونيه في مطاعم يابانية مختلفة في العاصمة.
في عام 2020، غيرت جائحة كوفيد-19 كل شيء. وجدت تشيزوكو نفسها بدون عمل، بينما كان شونيه يحقق حلمه أخيرًا: فتح مطعمه الخاص في مونمارتر، الذي يحمل اسمه: "سوشي شونيه".
ما لم تذكره تشيزوكو على الفور هو أن زوجها كان يعاني بالفعل من السرطان في ذلك الوقت. بدأت تساعده في مهام بسيطة في المطبخ، لكن مع تدهور حالته، اضطرت لتعلم الأساسيات بسرعة. "إذا لم يكن مريضًا، لم أكن لأتقدم بهذه السرعة"، تعترف تشيزوكو. تعلمت بمشاهدة كل حركة، كل تقطيع، وكيفية تحضير الأرز والتعامل مع السمك.
في مارس 2022، بعد تسعة أشهر فقط من الافتتاح، منح دليل ميشلان نجمة واحدة للمطعم. كان هذا تتويجًا لجهود شونيه. لكن السعادة لم تدم طويلاً؛ فبعد ثلاثة أشهر، توفي شونيه عن عمر يناهز 65 عامًا.
على فراش المرض، جعل شونيه زوجته تعده بمواصلة المسيرة. "كان هذا المطعم حلمه. طلب مني أن أتولى المسؤولية"، تتذكر تشيزوكو. وعد قطعته على نفسها بأي ثمن، لدرجة أنها لم تغلق المطعم حتى في يوم وفاة زوجها.
لكن الطريق لم يكن سهلاً. في العام التالي، سحب دليل ميشلان نجمته من "سوشي شونيه". لم تستسلم تشيزوكو. عززت فريقها، وجندت طهاة خبراء، وخضعت لتدريبات في اليابان، وطورت بصمتها الخاصة في الطهي. "كنت خائفة جدًا لأنني لم أكن أطبخ أبدًا في الأساس. بالإضافة إلى أن المطعم لديه عملاء رفيعو المستوى... كل هذا كان يقلقني"، تقول بصراحة.
مثابرتها أتت بثمارها. في مارس الماضي، بعد ثلاث سنوات من وفاة شونيه، توّج دليل ميشلان المطعم بنجمة مرة أخرى. وهكذا، أصبحت تشيزوكو أول امرأة في العالم تُمنح هذه الجائزة كطاهية سوشي. عندما سئلت عن رد فعلها الأول، اعترفت تشيزوكو بأنها لا تهتم كثيرًا بهذا النوع من الجوائز، وأن أهم شيء بالنسبة لها هو استعادة النجمة التي خسرها زوجها شونيه.
مع ذلك، في عالم يهيمن عليه الرجال تقليديًا مثل عالم السوشي، أثار هذا الاعتراف صدمة وإعجابًا كبيرين. في اليابان، حيث لا تزال محلات السوشي معقلًا شبه حصري للرجال، انتشر الخبر كالنار في الهشيم.
خلف المنضدة، تُظهر تشيزوكو حركات دقيقة ومؤكدة. تصل مبكرًا كل صباح للتحضير، وتعمل حتى منتصف بعد الظهر، وتأخذ قيلولة، ثم تعود في المساء لخدمة العشاء. تكريسها لمطعم "سوشي شونيه" شامل. حتى في أيام الأحد، تتدرب وتتمرن على التقطيع وغيرها. تقول: "هذه هي الحياة الحقيقية لصالون السوشي". للتخفيف عن نفسها، لديها شغف بسيط: الجري. "أركض مرة واحدة في الأسبوع في مونمارتر، لكن 4 كيلومترات فقط"، تبتسم.
ما لا تقوله هو التضحية التي تبذلها. تعيش في مونمارتر، على بعد 200 متر فقط من المطعم، وتقول إنها تستلهم الشجاعة من زوجها الراحل. "عندما كان مريضًا، على الرغم من أننا كنا نعيش على بعد 200 متر من المطعم، كان يستغرق منه 10-15 دقيقة للوصول إليه سيرًا على الأقدام. لم يكن بخير، لكنه كان يأتي كل يوم. لأن ذلك كان واجبه". هذه العزيمة، جعلتها خاصة بها. "فخري هو المطعم، وأن أستمر في حبه وعدم الاستسلام"، تؤكد ببساطة.
قبل مغادرة "سوشي شونيه"، سُئلت تشيزوكو عن الرسالة التي توجهها للشابات اللواتي يحلمن بمسيرة مهنية في عالم الطهي الرفيع. تضيء عيناها. "أود أن أقول لهن إنهن يستطعن تحقيق أحلامهن في المطبخ. هذا ممكن بفضل الجهد". وتكرر ثلاث مرات بالإنجليزية شعارها: "Never give up" (لا تستسلم أبدًا).
