وثائقي عن فولتير: محارب التنوير ضد التعصب والظلامية على شاشة France 5

وثائقي عن فولتير: محارب التنوير ضد التعصب والظلامية على شاشة France 5

في كلمات قليلة

يتناول فيلم وثائقي جديد حياة وإرث الفيلسوف الفرنسي العظيم فولتير. يسلط الضوء على كفاحه من أجل حرية الفكر والتسامح ضد التعصب وأعماله الأدبية والفلسفية المؤثرة.


قدمت قناة France 5 الفرنسية فيلماً وثائقياً جديداً يسلط الضوء على أحد أبرز مفكري عصر التنوير، الفيلسوف الفرنسي فولتير. يستعرض الفيلم حياته الطويلة والمتعددة الأوجه، أعماله الخالدة، ونضاله الشرس ضد التعصب دفاعاً عن حرية الفكر والتعبير.

في أوقات الأزمات والاضطرابات الاجتماعية، غالباً ما تتجه المجتمعات نحو العقول العظيمة من الماضي. فولتير، على وجه الخصوص، هو أحد هؤلاء المفكرين الذين تستلهم منهم الأجيال. بعد هجمات يناير 2015 في فرنسا، خرج الفرنسيون في مسيرات رافعين نسخاً من «رسالة في التسامح» لفولتير. يظل اسمه حاضراً، يظهر على اللافتات ويُرفع كعلم عند تعرض حرية التعبير للتهديد. يؤكد الفيلم الوثائقي أن مؤلف أعمال شهيرة مثل «كانديد أو التفاؤل» قاد معركة عظيمة ضد التعصب ومن أجل حرية التفكير.

قضاء ساعة ونصف في صحبة فولتير يُعد تجربة مثرية للغاية. حياته، التي كانت طويلة بشكل استثنائي لعصره (توفي عن عمر يناهز 83 أو 84 عاماً في 30 مايو 1778)، لم تكن سهلة على الإطلاق. كرس وجوده لمحاربة ما أسماه «العار» أو «الفاحشة» (l'infâme). يقدم الخبراء والمؤرخون، بمن فيهم إليزابيث بادنتر وشانتال توماس، إضاءات متنوعة على هذا الفيلسوف متعدد الجوانب، الذي خاض حتى تجربة إدارة مصنع للساعات. ربما كانت أولى معاركه الكبرى ضد والده المتسلط، الذي كان يضغط عليه لدراسة القانون.

عانى هذا الرمز البارز لعصر التنوير من نفي طويل في لندن. كانت نهاية حياته أشبه بقصة بوليسية؛ كاد أن يُدفن في مقبرة جماعية قبل أن يُنقل رفاته بعد ثلاثة عشر عاماً من وفاته إلى مقبرة العظماء (البانثيون) في باريس. قد لا نتخيل مدى الصدى الذي كان يحظى به اسمه في جميع أنحاء أوروبا؛ كان شخصية محبوبة ومبجلة. تشير المؤرخة سيسيل بيرلي إلى أنه كان بمثابة «نجم روك في عالم الفلسفة»، وتذكر شانتال توماس بابتسامة أنه بالنسبة لرجل أسس فكرة العلمانية، فقد تم «تأليهه تقريباً»! على قبره نُقش: «حارب الملحدين والمتعصبين. ألهم التسامح، وطالب بحقوق الإنسان ضد عبودية الإقطاع. شاعر ومؤرخ وفيلسوف، وسّع العقل البشري وعلّمه كيف يكون حراً».

كان فولتير محارباً تصدى للظلم (قضية كالاس كانت الشرارة التي أشعلت كتابة «رسالة في التسامح»). صاغ شعار «اسحقوا العار!» (Écrasez l'infâme) وقال: «أكتب لأعمل». لكن «الفيلسوف الملتزم، والكاتب الساخر الغاضب» لم يكن ليحظى بهذا الصيت الخالد لولا أسلوبه الفريد – أسلوب مؤثر وشاعري، ساخر ورائع، تجاوز القرون. نعرف أعماله مثل «زاديغ»، «البريء»، و«كانديد». هذا النص الأخير، الذي نُشر عام 1759، كان أحد أكبر نجاحات القرن الثامن عشر، وأكثر كتبه قراءة، ومع ذلك لم يوقعه باسمه، بل قدمه على أنه «مترجم عن الألمانية بواسطة الدكتور رالف»!

يُظهر الفيلم جوانب متعددة أخرى من شخصية فولتير، بما في ذلك معركته الفكرية المثيرة للاهتمام مع «أفضل أعدائه»، جان جاك روسو، كما يتطرق الفيلم أيضاً إلى معاداة فولتير للسامية. تتناول الخبيرة فرانسواز جاكوب تحفة فنية نموذجية في منهج فولتير: «قصيدة عن كارثة لشبونة»، وهي نص وتأمل رفيع المستوى كتبه بعد زلزال العاصمة البرتغالية في نوفمبر 1755. تشرح الأكاديمية قوة هذه القصيدة التي تعلمنا أمرين أساسيين: الألم الشديد الذي شعر به فولتير تجاه المعاناة الإنسانية، وعلاقة الفيلسوف بالدين. كان فيلسوفاً يعارض تفاؤل زملائه، لكن قصيدته تختتم بكلمة «الأمل». هذا أمر أساسي لفهم فولتير حقاً، وربما هو ما يجب أن نتذكره من أعماله في النهاية. يُنظر إلى هذا الفيلم الوثائقي على أنه ذو أهمية عامة.

نبذة عن المؤلف

فيكتور - محلل سياسي ذو خبرة طويلة في وسائل الإعلام الأمريكية. تساعد مقالاته التحليلية القراء على فهم تعقيدات النظام السياسي الأمريكي.