
في كلمات قليلة
في حوار صريح، تتحدث الممثلة والمخرجة الفرنسية زابو بريتمان عن دورها في فيلم «كاساندر»، الذي يسلط الضوء على قضية سفاح القربى المؤلمة وصعوبة التعبير عن الصدمة. كما تتطرق إلى مسيرتها في الإخراج وأهمية موضوعات الذاكرة والهوية والبحث عن الذات في أعمالها السينمائية.
زابو بريتمان هي كاتبة سيناريو ومخرجة مسرحية وممثلة ومخرجة سينمائية فرنسية بارزة. حازت على جائزة سيزار لأفضل عمل أول عن فيلم «تذكر الأشياء الجميلة» (Se souvenir des belles choses) عام 2003، بطولة إيزابيل كاريه وبرنار كامبان. كما فازت بأربع جوائز موليير عن مسرحيتي «الشتاء تحت الطاولة» (L'hiver sous la table) و«أناس» (Des gens). بالإضافة إلى ذلك، نالت الجائزة الكبرى للفيلم الوثائقي في مهرجان لوشون في فبراير 2025 عن فيلم «الفتى» (Le garçon)، وهو عمل يمزج بين الواقع والخيال أخرجته بالتعاون مع فلوران فاسولت.
تشارك بريتمان حالياً في بطولة فيلم «كاساندر» (Cassandre) للمخرجة هيلين ميرلان، الذي بدأ عرضه يوم الأربعاء 2 أبريل. يروي الفيلم قصة فتاة شابة تجد نفسها مكبلة بقيود عائلتها الثرية والغريبة الأطوار. تتعرض للاعتداء من قبل شقيقها دون علم والديها، مما يجعلها عاجزة عن التعبير عن حزنها وألمها. في عمر الرابعة عشرة، تجد كاساندر شغفها في ركوب الخيل، الذي يمثل لها متنفساً ونافذة أمل، ويساعدها على إدراك وجود عالم آخر خارج نطاق عائلتها.
مقابلة حول الفيلم ومواضيعه العميقة:
سؤال: ندرك من خلال الفيلم مدى عمق الصدمات وصعوبة التحدث عنها. كاساندر تجد صعوبة في الكلام والتعبير.
زابو بريتمان: «إنها ممنوعة من الكلام. كثيرون يقولون: «كان عليها فقط أن تتكلم!» لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فالمعتدي يمنعها، ومن حولها يمنعونها أيضاً. هذا ما تظهره هيلين ميرلان في الفيلم. وتستخدم استعارات من خلال دمى الماريونيت الصغيرة. الدمية جميلة وشاعرية للغاية، وبفضل هذا، أعتقد أنها قدمت فيلماً نادراً».
سؤال: هناك الكثير من الشعرية في حواراتها مع مدرب الفروسية، الذي يرشدها ويتحدث معها عن أسطورة الذئب الأسود والذئب الأبيض. الذئب الأسود عنيف وقاتل، بينما الأبيض بناء وخي'ر. ويشرح لها كيف يجب على المرء أن يغذي كلا الجانبين أثناء بناء حياته. هل تتفقين مع هذا؟
زابو بريتمان: «أعتقد أنها على حق. يقال إنه يجب أن تعرف عدوك لترويضه، وهذا هو الحال نوعاً ما. لا فائدة من تجاهله، بل هذا أسوأ. إنه موجود ويجب الاعتراف به».
سؤال: ماذا تضيف لكِ كل هذه الأدوار التي تجمعين بينها، خاصة دور المخرجة، لنتحدث عن فيلم «الفتى» الذي يبدو أنه يحمل أهمية خاصة لكِ؟
زابو بريتمان: «ربما أشعر براحة أكبر في الإخراج. كممثلة، أشعر بقلق شديد. أريد بشدة أن أكون في عين المخرج أو المخرجة ما يأملونه مني. إنه مكان يجب أن أُرى فيه وأن أُرى بشكل جيد من قبل الشخص المقابل. لذا، أعتقد أن نظرة الآخرين إلي' مهمة جداً وهذا يرعبني».
سؤال: فيلم «الفتى» يروي قصة رجل مجهول يظهر في صورة، وتحاولين تتبع قصته. من جهة، هو فيلم وثائقي، ومن جهة أخرى، فيلم روائي يحاول سرد حياة هذا الرجل ووضعها في سياقها من خلال الصور، دون معرفة مسبقة بتاريخه. يبدو أن هناك خيطاً مشتركاً في كل أعمالك، نجده أيضاً في «تذكر الأشياء الجميلة»، وهو مفهوم الذكرى والذاكرة. هل هذا هو الموضوع الذي يجب أن يكون دائماً في صميم ما تعالجينه؟
زابو بريتمان: «في نهاية المطاف، نعم، هذا ما نجده في «الفتى» ولم يكن ذلك مخططاً له مع فلوران. لم يكن هذا ما أردنا فعله. لم أكن أعرف ما يفعله هو، وهو لم يكن يعرف ما أفعله أنا. كانت هذه هي الفكرة، ألا نعرف شيئاً ونلقي بأنفسنا في المجهول، على الرغم من أنني جبانة. لا أعرف ما سيحدث، أعرف فقط أنني أطلب من فلوران مقاطع وثائقية أعطيت نصها للممثلين. لأن هذا شيء أحب فعله. لكن في نفس الوقت، الصور تحكي دائماً شيئاً يتعلق بالذاكرة والمحو، حتماً. وفلوران نفسه قال لي ذات يوم: «نحن نصنع «تذكر الأشياء الجميلة»». أضحكني ذلك وقلت: «ولكن، ألسنا نفعل دائماً نفس الشيء؟»».
سؤال: هناك مفهوم البحث عن الهوية. بالنسبة لي، هذا هو الموضوع المركزي للفيلم، ولكن ليس بالنسبة لكِ؟
زابو بريتمان: «لا، لكن المثير للاهتمام هو أن الأمر يعنيني. لا أفكر في ذلك، ولكن عندما نتساءل عن شخص ما، فإننا نتساءل عن أنفسنا حتماً».
سؤال: في فيلم «كاساندر»، كيف نواجه المسكوت عنه؟ هذا أيضاً ما يدينه الفيلم. كيف نبني أنفسنا دون أن ندين لأحد بشيء؟ هل تتبنين هذا النهج؟
زابو بريتمان: «لا، أنا أدين دائماً لشخص ما. لدي الكثير من الشعور بالذنب، نفعل ما بوسعنا، نعالج أنفسنا، لكننا نحاول أن نبذل قصارى جهدنا. هذا لا يعني أننا مثاليون أو كاملون، لكنه يعني أننا نحاول. أعتقد أن الشيء الوحيد المهم هو المحاولة، وهذا أساسي. لدينا الحق في أن نكون أغبياء بعض الشيء، لكن ليس لدينا الحق في ألا نعالج أنفسنا!».
سؤال: كيف كنتِ طفلة؟ لأن كاساندر تتمتع ببراءة الطفولة تلك.
زابو بريتمان: «لديها براءة وأعتقد أن هذا سينقذها. هناك أشخاص يمتلكون هذه القوة. لا يمتلكها الجميع لأن البراءة هي شكل من أشكال القوة الحيوية. أعتقد أن كاساندر تمتلكها وستعيش».