الأزياء السريعة: دمار بيئي هائل ومقترح قانوني جديد في فرنسا لمواجهته

الأزياء السريعة: دمار بيئي هائل ومقترح قانوني جديد في فرنسا لمواجهته

في كلمات قليلة

صناعة الأزياء السريعة، التي تعتمد على إنتاج ملابس رخيصة وسريعة التخلص منها، تسبب دماراً بيئياً هائلاً. تستكشف فرنسا تشريعات جديدة لمكافحة الآثار الضارة لهذه الممارسة على البيئة.


تدرس فرنسا اقتراح قانون جديد في مجلس الشيوخ يهدف إلى كبح ظاهرة "الأزياء السريعة" (fast-fashion)، والتي تعتمد على بيع الملابس الرخيصة وذات الجودة المنخفضة عبر الإنترنت. تعتبر هذه الظاهرة آفة بيئية حقيقية تثير قلق صناعة النسيج الفرنسية والمنظمات البيئية. هذه الصناعة، التي تتميز بأسعارها المنخفضة وسرعة طرح الموديلات الجديدة، تساهم في إغراق الأسواق العالمية وتسبب أضراراً بيئية جسيمة.

**الإفراط في الإنتاج والاستهلاك**

في فرنسا وحدها، زاد عدد قطع الملابس المباعة سنوياً بمليار قطعة خلال عقد واحد، ليصل إلى 3.3 مليار قطعة، أي أكثر من 48 قطعة للشخص الواحد. هذه زيادة بنسبة 39%. من أبرز المتسببين شركات "الأزياء السريعة جداً" التي تبيع منتجاتها حصرياً عبر الإنترنت بأسعار منخفضة، مثل العملاق الصيني Shein الذي يطرح في المتوسط «7200 موديل جديد من الملابس يومياً». على مستوى العالم، يُقدر بيع حوالي 100 مليار قطعة ملابس سنوياً، وتضاعف الإنتاج بين عامي 2000 و2014.

**تلوث المياه**

قطاع النسيج هو ثالث أكبر مصدر لتدهور المياه واستهلاك الأراضي. إنتاج المنسوجات يتطلب كميات هائلة من المياه والأراضي لزراعة القطن والألياف الأخرى. تشير التقديرات إلى أن صناعة قميص قطني واحد تحتاج 2700 لتر من المياه العذبة، أي ما يعادل استهلاك الفرد من الماء للشرب لمدة 2.5 سنة. الأزياء السريعة تزيد هذه الظاهرة سوءاً، بالإضافة إلى التلوث. يُعتبر إنتاج النسيج مسؤولاً عن حوالي 20% من التلوث العالمي للمياه الصالحة للشرب، بسبب الأصباغ والمواد الكيميائية الأخرى.

علاوة على ذلك، يتم إلقاء نصف مليون طن من الألياف البلاستيكية الدقيقة سنوياً في المحيط عند غسل المنسوجات المصنوعة من البلاستيك. الجزء الأكبر من هذه الجسيمات الدقيقة ينطلق خلال الغسلات الأولى، ويزداد عدد الغسلات مع زيادة المشتريات. غسلة واحدة لملابس مصنوعة من البوليستر يمكن أن تطلق 700 ألف ليف بلاستيكي دقيق.

**انبعاثات غازات دفيئة هائلة**

صناعة النسيج والأحذية تمثل ما لا يقل عن 8% من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً. الجزء الأكبر من الانبعاثات يتولد في مرحلة إنتاج الألياف. حوالي 70% من الألياف الاصطناعية المنتجة تأتي من النفط، والقطاع وحده يمثل 1% من إنتاج النفط العالمي. البصمة الكربونية العالية لصناعة الأزياء تعود للاستهلاك الكبير للطاقة وتتأثر بمصدر الطاقة المستخدم. فمثلاً، في الصين، يعتمد تصنيع النسيج على طاقة الفحم، وبالتالي تكون بصمته الكربونية أعلى بنسبة 40% مقارنة بالمنسوجات المصنعة في تركيا أو أوروبا.

النقل لا يمثل الجزء الأكبر من الانبعاثات، حيث يمثل حوالي 3% فقط في المتوسط. ومع ذلك، إذا تم شحن الملابس جواً (كما يحدث غالباً في الأزياء السريعة جداً)، فإن الانبعاثات تكون أعلى بحوالي 14 مرة من الشحن البحري.

**تراكم النفايات**

حجم نفايات المنسوجات قفز بنسبة 40% على مستوى العالم خلال 15 عاماً. في أوروبا، يتم الاحتفاظ بالملابس لفترة أقصر بمرتين، ويتم التخلص من 4 ملايين طن من النفايات النسيجية سنوياً. 1% فقط يتم تدويره ليصبح ملابس جديدة. يتم تصدير معظم الملابس المستعملة خارج الاتحاد الأوروبي، ويتم حرق أو دفن معظمها في مدافن النفايات، مثل جبال الملابس المتراكمة في صحراء أتاكاما بتشيلي. في فرنسا، يتم جمع ثلث المنسوجات فقط، والباقي ينتهي به المطاف في صناديق القمامة العادية.

نبذة عن المؤلف

ماريا - صحفية في قسم الثقافة، تغطي الأحداث في عالم الفن والترفيه في فرنسا. تجد مقالاتها عن هوليوود، برودواي، والمشهد الموسيقي الأمريكي صدى لدى القراء.