فرنسا على حافة الهاوية المالية: هل ينقذها "علاج الصدمة" الذي نجح في 1958؟

فرنسا على حافة الهاوية المالية: هل ينقذها "علاج الصدمة" الذي نجح في 1958؟

في كلمات قليلة

تحلل المقالة الأزمة المالية الحالية في فرنسا من خلال مقارنتها بأزمة عام 1958. وتستعرض "خطة بينيه-رويف" للتقشف التي نجحت في إنقاذ الاقتصاد آنذاك بفضل القيادة القوية لديغول، وتطرح تساؤلاً حول إمكانية تطبيق حل مماثل اليوم في ظل غياب الإرادة السياسية.


تواجه فرنسا وضعاً اقتصادياً حرجاً، حيث وصف الرئيس إيمانويل ماكرون الموقف بأنه يتطلب "قوة الروح"، إلا أن البلاد تجد صعوبة في التخلص من سمعتها كـ"تلميذ أوروبا الكسول". هذا الوضع المتردي هو نتيجة مزيج قاتل من إهمال الحكومات المتعاقبة للشؤون المالية، والديماغوجية السياسية، واعتماد المواطنين المفرط على الدعم الحكومي.

يعيد هذا الوضع إلى الأذهان الأزمة التي واجهتها فرنسا في عام 1958، عندما وصف أنطوان بينيه، وزير المالية آنذاك، الوضع قائلاً: "نحن على شفا الكارثة في جميع الجبهات". ففي تلك الفترة، كانت فرنسا تعاني من عجز في الميزانية، وعجز في ميزان المدفوعات، وديون خارجية متراكمة، مما جعلها "رجل أوروبا المريض".

ولكن، بفضل خطة التقشف الصارمة التي وضعها جاك رويف، المفتش المالي الشهير، وتم تبنيها من قبل حكومة شارل ديغول، تمكنت فرنسا من إنقاذ اقتصادها. كانت فلسفة رويف واضحة: "إما أن تفرضوا النظام المالي، أو تقبلوا العبودية".

لم تكن خطة "بينيه-رويف"، التي أقرت في ديسمبر 1958، سهلة على الإطلاق. تضمنت الخطة زيادة كبيرة في الضرائب والرسوم، وخفضاً حاداً للدعم الحكومي، وتخفيضاً لقيمة العملة. كانت بمثابة "جرعة دواء مرة"، لكن ديغول أصر على تنفيذها قائلاً لوزرائه القلقين: "حسناً، سيصرخ الفرنسيون. وماذا بعد؟".

خلافاً للتوقعات، لم يحتج الفرنسيون، وتم إصلاح الحسابات القومية في غضون ستة أشهر فقط. توضح المؤرخة لور كينويل-كوري أن "قوة هذا البرنامج كانت في كونه شمل جميع الطبقات الاجتماعية: المتقاعدون، والموظفون الحكوميون، وأصحاب الأعمال... كان على الجميع المساهمة".

كان نجاح الخطة يعتمد أيضاً على عاملين حاسمين: شعبية الوزير بينيه، والأهم من ذلك، الإرادة السياسية القوية للجنرال ديغول الذي كان يتمتع بأغلبية ساحقة ودعم شعبي واسع. اليوم، بعد مرور ما يقرب من سبعة عقود، يبدو أن فرنسا لديها الوصفة لإنقاذ اقتصادها، لكنها تفتقر إلى "القائد" القادر على تنفيذها.

نبذة عن المؤلف

يانا - صحفية متخصصة في قضايا التعليم والعلوم في فرنسا. تعتبر موادها عن الجامعات الفرنسية والإنجازات العلمية دائمًا ذات صلة ومفيدة.