
في كلمات قليلة
الفيلسوف مارسال غوشيه يحذر من ظاهرة "التقدمية الاستبدادية". ويرى توترًا متزايدًا بين مبدأ السيادة الشعبية وسيادة القانون، معتبرًا أن هذا يؤدي إلى استبدال إرادة الشعب بمعايير قانونية ويهدد الديمقراطية.
يعرب المفكر والمؤرخ الفرنسي البارز مارسال غوشيه، الذي يُعد أحد أهم الفلاسفة المعاصرين في مجال الديمقراطية، عن قلقه العميق إزاء التوجهات السياسية الراهنة. ففي رأيه، يواجه العالم ظاهرة يطلق عليها اسم "التقدمية الاستبدادية".
يشير غوشيه إلى أن المشكلة المحورية تكمن في التوتر المتزايد بين مفهوم سيادة القانون (دولة القانون) ومبدأ السيادة الشعبية (سلطة الشعب). يلاحظ الفيلسوف وجود ميل حالي لاستبدال إرادة الشعب بمعايير دولة القانون، وهو ما يمثل، في جوهره، ابتعادًا عن الفهم الكلاسيكي للديمقراطية كسلطة للشعب.
يذكر غوشيه أن مفهوم "الديمقراطية" نفسه قد شهد تاريخيًا تفسيرات مختلفة، مثل التمييز بين "الديمقراطيات الشعبية" و"الديمقراطيات البرجوازية". ويقول إن أصل الالتباس الحالي يكمن في غموض مصطلح "الشعب". فإذا كانت الديمقراطية تُعرف تقليديًا بأنها سلطة الجميع، على عكس سلطة الفرد (الملكية) أو القلة (الأرستقراطية)، أي سيادة الشعب، يظل السؤال الأساسي: ما الذي يمثله "الشعب" بالضبط وكيف تُعبر إرادته؟ وهنا تحديدًا تنشأ الخلافات الرئيسية.
وفقًا لمارسال غوشيه، فإن محاولات وضع المعايير القانونية فوق الإرادة المباشرة للشعب، مع تجاهل مبدأ السيادة الشعبية، تمثل تحولًا خطيرًا نحو الاستبداد، حتى لو كان ذلك تحت شعارات التقدم وحماية الحقوق. هذه "التقدمية الاستبدادية" تهدد جوهر الحكم الديمقراطي نفسه.