روبرت ريديكر: لماذا "لا يريد" العالم الحديث أن يرى المزارع؟

روبرت ريديكر: لماذا "لا يريد" العالم الحديث أن يرى المزارع؟

في كلمات قليلة

الفيلسوف روبرت ريديكر يحلل الدور المحوري للمزارعين كأساس للمجتمع البشري والثقافة. يجادل بأن العالم المعاصر يقدر عملهم أقل فأقل، على الرغم من أهميته الجوهرية للوجود.


يتأمل الفيلسوف روبرت ريديكر في الأهمية العميقة لعمل المزارعين ومكانتهم في المجتمع المعاصر، في ظل الاحتجاجات الأخيرة للمزارعين.

في مقالته، يطرح ريديكر سؤالاً حول هوية المزارعين. يصفهم بأنهم الأشخاص الذين يعيشون في أقرب اتصال مع الأساس المادي للمجتمع – الأرض والتربة التي نسير عليها ونبني الطرق عليها. المزارعون هم من يعملون على هذا الأساس الحيوي، من يخصبون التربة لنجعلها مثمرة حتى نتمكن من العيش منها وعليها.

بدون هذا العمل، وبدون من يعملون الأرض، لن يكون هناك مجتمع. لن يكون هناك شيء على الإطلاق، ولا حتى إنسانية. يرى ريديكر أن الإنسانية تبدأ هنا، في عمل المزارع؛ كل شيء يبدأ هنا، في عمل الأرض. كل شيء يبدأ من جديد هناك، كل صباح. عمل المزارعين كل صباح هو بداية جديدة للعالم. إذا توقف هذا البدء الجديد، يتوقف كل شيء: ينهار عالم البشر. العمل مع الأرض يسبق أي ثقافة.

ينبثق المجتمع من عمل الأرض، ثم يتطور تدريجياً حتى ينسى هذه البداية... يشير ريديكر إلى تحول في الإدراك: "الإقليم" (territoire) يحل محل "التروار" (terroir - الخصائص المحلية المرتبطة بالأرض والمنتجات)، و"البيئة" (environnement) تحل محل "المنظر الطبيعي" (paysage). هذا يعكس انفصالاً عن الأرض الحية، الأرض التي تتم زراعتها، وعن أولئك المرتبطين بها.

تؤكد تأملات الفيلسوف على الدور الأساسي، ولكن غالباً ما يتم التقليل من شأنه، للعمل الزراعي في بناء الحضارة والحفاظ عليها. أصبحت احتجاجات المزارعين مجرد مناسبة لتحليل أعمق لمكانة العامل على الأرض في العالم الحديث، الذي، بحسب ريديكر، أصبح أقل استعداداً لرؤيته.

نبذة عن المؤلف

يوري - صحفي متخصص في قضايا الأمن والدفاع في فرنسا. تتميز مواده بالتحليل العميق للوضع العسكري والسياسي والقرارات الاستراتيجية.