
في كلمات قليلة
موقع كثبان بيلا في فرنسا، الذي تضرر من حرائق عام 2022، يسعى جاهداً لإيجاد توازن بين أعداد السياح الهائلة وضرورة إعادة التأهيل البيئي. عمليات إعادة بناء مخيمات التخييم في المنطقة تثير انتقادات ومخاوف بشأن الحفاظ على الطبيعة.
من قمة كثبان بيلا (Dune du Pilat) الشهيرة، يستمتع الزوار بمنظر المحيط وشريط أرجين الرملي... ويرون أيضاً آثار مخيمات التخييم التي يجري إعادة بنائها، بعد ثلاث سنوات من الحرائق المدمرة.
بعد ثلاث سنوات من حرائق عام 2022، تثير إعادة بناء مخيمات التخييم حول كثبان بيلا تساؤلات كثيرة. مستقبل هذا الموقع الطبيعي الأكثر زيارة في منطقة جيروند (Gironde) لا يزال معلقاً، بين البناء المفرط، واكتظاظ السياح، وتآكل الكثبان الطبيعي.
في منطقة لا تيست-دي-بوش (La Teste-de-Buch)، مقابل كثبان بيلا، أصبحت لوحات «ممنوع الوقوف» منتشرة على الطريق المؤدية إلى الرمال. بعد مرور ثلاث سنوات على الحرائق المدمرة التي التهمت أكثر من 30 ألف هكتار من الغابات في جيروند، منها 7 آلاف هكتار حول الكثبان، يكافح هذا الموقع الرمزي على ساحل الأطلسي الفرنسي لاستعادة توازنه. تجدر الإشارة إلى أن الحريق الأول اندلع بسبب اشتعال شاحنة صغيرة تحت أشجار الصنوبر.
موقف السيارات الوحيد في الموقع المصنف، الذي تم تجديده ولكن لم يتم توسيعه، أعيد تصميمه ليشمل منطقة مشاة واسعة مغطاة بالرمال ولوحات شرح. وتقول ناتالي لو يوندري، رئيسة النقابة المشتركة للإدارة: «هذا موقع طبيعي مفتوح، لا يمكننا تقييده كلياً، لكن يجب أن نجد نقطة توازن». الاستراتيجية الحالية تركز على التوعية والتواصل وتوزيع أعداد الزوار على مدار اليوم.
على قمة أكبر كثبان رملية في أوروبا، بارتفاع 101 متر، يستمتع السياح والطلاب من جميع أنحاء أوروبا بالمنظر الخلاب لشريط أرجين، والمحيط الأطلسي، وأيضاً... الأكواخ (البنغلو) التي أعيد بناؤها في الأسفل. من بين مخيمات التخييم الخمسة التي دمرت، أعيد افتتاح اثنين فقط جزئياً، وواحد لا يزال مغلقاً، وتوقفت أعماله منذ مارس 2024.
في هذا المخيم الأخير، الذي كان من المفترض أن يولد من جديد «وفق المعايير» كما وعد إيمانويل ماكرون في عام 2022، تسببت أعمال البناء الخرسانية والجدران الداعمة في خلاف كبير. يعرب طباخ في مطعم على الشاطئ عن أسفه قائلاً: «طريق الجنة يبدأ هنا... لكنهم يدمرون ويبنون بالخرسانة».
جاك ستوريللي، رئيس جمعية بيئية رفعت دعاوى قضائية، يعبر عن غضبه: «الموقع دمر تماماً، وإعادة الوضع سيكون أمراً صعباً جداً. تراخيص إعادة البناء التي صدرت في عام 2023 مذهلة ومستهجنة».
تقرير صادر عام 2024 عن التفتيش العام للبيئة والتنمية المستدامة ينتقد بشدة سياسة التخطيط، واصفاً إياها بأنها «مزرية»، ويقدر أن إعادة البناء «طغت على الحفاظ على المناظر الطبيعية». رداً على ذلك، علقت النقابة المشتركة طلب ترشيح الموقع للحصول على تسمية «موقع فرنسا العظيم» (Grand Site de France).
فيتال بودي، المستشار الإقليمي البيئي، يعتبر ما حدث «فرصة ضائعة». يرى أنه «كان يجب النظر إلى الموقع كنصب طبيعي وليس كمرفق سياحي. لكن المشاعر طغت، ولم ترغب الدولة في التراجع عن وعودها».
التضاريس تستمر في التغير. الكثبان، التي يبلغ طولها حوالي 3 كم، تتراجع كل عام نحو الغابة. يقول فرانك كودرك، مدير مخيم التخييم دو لا دون (Camping de la Dune): «حوض السباحة القديم للمخيم أصبح الآن تحت الرمال».
بصفته المسؤول الوحيد الذي تحدث علناً، يعترف: «نحن جميعاً مستعدون للرحيل. على أي حال، في غضون 15 عاماً كحد أقصى، سنختفي. في غضون ذلك، نوفر 300 وظيفة مباشرة وغير مباشرة في المنطقة». ويرد على الانتقادات قائلاً: «من ينتقدوننا يصوروننا كمهووسين بالمال، لكننا هنا نحد من أنفسنا، سعادتنا تكمن في التواجد في مكان محدود وإنساني، دون اكتظاظ».
حوالي ثلاثين من المنازل المتنقلة التي وضعت بعد الحرائق أغلقتها الإدارة في البداية، لكنها «في طريقها للتسوية القانونية». بلدية لا تيست-دي-بوش، التي أكدت في عام 2022 أن «اليورو الواحد الذي ينفقه المخيم» يولد «ثلاثة يورو في المنطقة كلها»، تلتزم الصمت الآن بخصوص هذا الأمر.