
في كلمات قليلة
أصدر الموسيقي الفرنسي فينسنت ديليرم ألبومه الجديد «La Fresque» ذو الطابع السير ذاتي. في مقابلة، تحدث عن إلهاماته الفنية من السينما والرسم، وعن تفضيله للأشخاص الهادئين مقابل صخب المجتمع الحديث.
أصدر الملحن والمغني الفرنسي الشهير فينسنت ديليرم ألبومه الجديد بعنوان «La Fresque» (الجدارية). في مقابلة بمناسبة إطلاق الألبوم، تحدث الفنان عن مصادر إلهامه الفنية، وتجاربه الشخصية، ونظرته للمجتمع المعاصر الذي غالباً ما يقدّر الجرأة والظهور الصاخب.
يعتبر ألبوم «La Fresque» عملاً شخصياً عميقاً، يستكشف فيه الفنان البالغ من العمر 48 عاماً مواضيع الحب والحياة والماضي والحاضر والمستقبل من خلال ثلاث عشرة أغنية. ديليرم، الذي يستمد إلهامه من المسرح والسينما والتصوير الفوتوغرافي والموسيقى، يعرض في هذا الألبوم موهبته المتنوعة. يجمع بين أنماط موسيقية مختلفة – من البوب إلى الإلكترونيكا والأغنية المؤلفة الأوركسترالية – بالإضافة إلى نظرته التي تشكلت من خلال معارضه الفوتوغرافية وأفلامه الوثائقية الحميمة مثل «Le Cœur qui bat» عام 2024.
وفقاً لديليرم، الدافع وراء الإبداع يظل واحداً: يسعى من خلال الموسيقى والفنون الأخرى إلى نقل المشاعر. ومع ذلك، يعترف الموسيقي بأنه لم يكن ليتمكن من كتابة أغانٍ مثل تلك الموجودة في «La Fresque» في سن العشرين بسبب نقص التجارب الحياتية. إذا كان مصدر إلهامه في السابق أفلام المخرجين الكبار ممزوجة بخيالاته الخاصة، فهو الآن الخبرة المتراكمة: الحياة التي عاشها، الحب، فقدان الأحباء. كل هذه المشاعر والصور تمر عبر «الفريسكو»، محتفياً بالأشخاص الذين ساعدوه ليصبح ما هو عليه – من أولى قدواته إلى أحبائه وأصدقائه.
تتجسد شخصية الفنان من خلال الذين يحيطون به أو يلهمونه: المقربون، الفنانون (إدوارد هوبر)، المخرجون (لوكا غواداغنينو)، الشعراء (فيرلين). يؤكد ديليرم أنه لا أحد يولد من لا شيء، ووجودنا لا يمكن تصوره بدون نظرة الآخر. الهوية لا تنفصل عن الأشخاص الذين يحيطون بنا. الألبوم الجديد وُلد بفضل الروابط الاختيارية التي تربطه بفنانين آخرين، وبالطبع، بالأشخاص الذين أحبهم، بما في ذلك جده، الذي كان يرى أنه من الغباء الاعتقاد بأن من يبحث في الماضي لا يتقدم للأمام. بالنسبة له، كانت الذكريات وسيلة للاحتفال باللحظة الحالية.
في أغنية بعنوان «L’armée des ombres fragiles» (جيش الظلال الهشة)، يشيد فينسنت ديليرم بالأشخاص المتحفظين، الخجولين، الهادئين. يرى في ذلك رد فعل على عصرنا الصاخب. يستذكر الموسيقي، الذي ولد في نهاية السبعينات، حقبة الثمانينات، حيث عُرض على المجتمع، برأيه، نموذج جديد، رائع على حد زعمهم: أشخاص يتحدثون بصوت عالٍ ولا يعتذرون عن وجودهم. ومع ذلك، فإن ديليرم بطبيعته يميل إلى الأشخاص الأكثر هدوءاً، الذين قد يعانون من بعض العقد. يقدر، على سبيل المثال، الخجل كشكل من أشكال الوعي الحاد والتواضع. «جيش الظلال الهشة» هو إشادة بهؤلاء الأشخاص، بفكرة القابلية للتأثر والبحث عن أشخاص يمكن مشاركتهم هذا الهشاشة – الأصوات الهادئة التي لا تُسمع كثيراً، لكنها تشكل الأغلبية.
متحدثاً عن اهتمامه بالتفاصيل، يذكر ديليرم ثقافة التجزئة في الموجة الجديدة، جمالية جان-لوك غودار، حيث يمكن بناء فيلم كامل على عناصر تبدو غير مهمة، دون مطاردات أو مروحيات، ولكن مع صمت طويل يخلق كثافة لا تصدق. عند وصف الوقوع في الحب مثلاً، ليس الشخصية الأنثوية بحد ذاتها هي المهمة، بل المشهد المحيط بها، لأنه في لحظة الحب، يصبح كل شيء حاداً، مليئاً بالمعنى – صوت ورقة شجر، سيارة تمر. هذا الحس الدقيق بالتفاصيل، هذه اللحظات المضيئة الصغيرة، تشبه تقريباً تحقيقاً بوليسياً: مجموع هذه الأجزاء يفتح الباب لشيء أوسع.
عند سؤاله عما إذا كان «La Fresque» تكريماً لـ «الأشياء الصغيرة»، يعبر ديليرم عن حذره من كلمة «صغير» في هذا السياق، مقابلتها بـ «الأحداث الكبيرة» مثل نهاية الألعاب الأولمبية المذهلة. برأيه، غالباً ما نشعر بالخجل من مشاركة اللحظات المهمة بالنسبة لنا خشية أن تبدو عادية. ومع ذلك، يجب علينا أن نعتز بهذه اللحظات ونحاول نقلها للآخرين.
لا شك أن تربيته في عائلة الكاتب فيليب ديليرم، مؤلف كتاب «الجرعة الأولى من البيرة ومتع صغيرة أخرى»، أثرت على مساره الفني. والداه، اللذان تمسكا بثقافة حميمة وبسيطة، علموه تحليل المشاعر، مثل الحب، للوصول إلى الجوهر.
رداً على ملاحظة بأنه في عالم البوب، غالباً ما يوصف بأنه «بوبو» (برجوازي بوهيمي) ذو تفكير معقد للغاية، يجيب ديليرم بتهكم بأن هذا المصطلح ربما عفا عليه الزمن. يشير إلى أنه في شبابه لم يكن مثقفاً على الإطلاق، مفضلاً السيرك على الكتب، والتشويق الذي ينتابه عند انطفاء الضوء ثم إضاءته قبل عرض أو فيلم. الفنان مقتنع بأن المهم ليس اتباع الموجة، بل تقديم شيء فريد. التحدي الرئيسي عند العمل على مواضيع شخصية هو جعلها عالمية، حتى تتمكن الأغنية من لمس أعمق الأوتار في المستمع.
حالياً، يقوم فينسنت ديليرم بجولة فنية في جميع أنحاء فرنسا.