
في كلمات قليلة
يتضمن العدد الجديد من مجلة «Revue des deux mondes» حواراً مع الفيلسوف لوك فيري حول الحرية والقيم. كما يستعرض ملفاً تاريخياً حول الكتاب الذين اختاروا النشر خلال فترة التعاون، مسلطاً الضوء على تعقيدات الاختيار والمسؤولية.
يتناول العدد الجديد من مجلة «Revue des deux mondes»، الصادر في مايو-يونيو 2025، قضايا جوهرية تتعلق بالحرية والقيم. ويشارك في هذا العدد الفيلسوف البارز لوك فيري كضيف رئيسي.
يزين غلاف المجلة اقتباس من لوك فيري يقول: «الحرية مخيفة لأنها تستلزم المسؤولية». يؤكد فيري أن الموهبة والثقافة وحدهما لا تمنعان الهمجية أو التطرف، وأن الأمر لا يتعلق بالذكاء بل بالقيم. ويضيف: «إنها ليست صحيحة ولا خاطئة، بل هي فقط جيدة أو سيئة».
هذه الفكرة تشكل الخيط الرئيسي للعدد بأكمله. لوك فيري، كفيلسوف يهتم بالتطورات المجتمعية والإنسانية والعلمية المعاصرة، لا يغفل عن الجوانب السلبية في مجتمعنا. إنه يذكرنا بهشاشة حرياتنا ويحذر من المخاطر التي قد نغفلها في سعينا المحموم وراء السعادة الأنانية.
ومع ذلك، فإن لوك فيري ليس متشائماً على الإطلاق. فهو يرى أن عصرنا الحالي أكثر ملاءمة للعيش من عصور أجدادنا. يتناول الحوار أيضاً رؤيته للذكاء الاصطناعي، وهو موضوع خصص له كتاباً كاملاً. وبينما يشعر الكثيرون بالخوف من ظهور الذكاء الاصطناعي، لا يشاركه فيري هذا الخوف. ويشير إلى أن الآلة ستمتلك معرفة أكبر منا، لكن تفوقنا عليها يكمن في إرادتنا الحرة وقيمنا.
يعرب لوك فيري عن استيائه من نقص الكفاءة لدى السياسيين في مجالات العلوم والاقتصاد، كما يخشى من مجتمع يسوده عدم الثقة قد يتحول إلى كراهية. ومع ذلك، فإنه سعيد بالعيش في أمة حرة يمكنها، برأيه، أن تجد طريقها نحو التقدم.
يضم العدد أيضاً رسالة من الشاعر روبير دينوس، بالإضافة إلى ملف شامل أعده بيير أسولين وجيروم غارسين وشخصيات أخرى، مخصص للكتاب الذين نشروا أعمالهم خلال فترة التعاون مع الاحتلال. هذا التباين بين دينوس الذي حارب ضد النازية، والكتاب الذين اختاروا مساراً مختلفاً، يوضح بشكل لافت اسم المجلة نفسه «Revue des deux mondes» (مراجعة عالمين).
الهدف من هذا الملف هو محاولة فهم خيارات ومواقف بعض الأدباء الذين نشروا أعمالهم خلال فترة التعاون. يؤكد المحررون أنه لا يوجد نموذج نمطي «للكاتب المتعاون»، بل هناك حالات فردية معقدة. السمة المشتركة الوحيدة بينهم هي أنهم كانوا أحراراً في الكتابة والنشر – لم يجبرهم أحد على ذلك تحت تهديد السلاح.
بالطبع، لا تهدف المجلة إلى الحكم على هؤلاء الكتاب؛ فالتاريخ يتولى هذه المهمة. كما أنها لا تسعى لإخفاء أيديولوجياتهم المميتة. بل الهدف هو الغوص في تعقيد الطبيعة البشرية، حيث لا يوجد أبيض وأسود مطلق. ويُطرح سؤال شائك بشكل خاص بشأن سيلين: ماذا نفعل عندما يلتقي البشاعة بالعبقرية؟ هل يجب فرض الرقابة على أعمال هؤلاء الكتاب؟