
في كلمات قليلة
شهدت باريس ومدن فرنسية أخرى أعمال عنف وفوضى بعد احتفالات فوز نادي باريس سان جيرمان، ما أسفر عن صدامات، تخريب، ومئات الاعتقالات وضحايا. أثارت هذه الأحداث ردود فعل سياسية حادة في فرنسا، حيث تبادلت الأطراف اتهامات حول مسؤولية الحكومة عن الوضع الأمني.
تحول الاحتفال بفوز نادي باريس سان جيرمان (PSG) لكرة القدم إلى أعمال عنف وفوضى واسعة النطاق في باريس ومدن فرنسية أخرى. أدت هذه الأحداث، التي شهدت اشتباكات مع الشرطة وأعمال تخريب واعتقالات، إلى ردود فعل سياسية قوية وتبادل للاتهامات بين الأطراف المختلفة.
وصف رئيس الجمهورية أعمال العنف التي تلت مباراة PSG بأنها "غير مقبولة". وأكد أن الدولة ستكون "صارمة" وأن مرتكبي هذه الأفعال سيتم "ملاحقتهم ومعاقبتهم بشدة". أسفرت الأحداث عن اعتقال المئات، ووقوع أعمال نهب لبعض المتاجر، خاصة في منطقة الشانزليزيه. كما أصيب نحو ثلاثين من أفراد قوات الأمن. وتشير التقارير أيضاً إلى حالتي وفاة: شاب طعن حتى الموت في بلدة داكس، وسائق دراجة نارية صدمته سيارة في باريس. هذه الأعمال العنيفة التي تشوب التجمعات الكبيرة بعد مباريات كرة القدم المرموقة أصبحت للأسف تتكرر.
كرة القدم تدفع ثمن نجاحها. إنها الرياضة الوحيدة ذات الصدى العالمي وتثير حماساً لا مثيل له في جميع أنحاء العالم. وهذا يجعلها هدفاً لمن يريدون إحداث الفوضى. يستغل المشاغبون هذه الأحداث، كما يحدث أحياناً في مظاهرات أخرى حيث ينضم عناصر عنف مستقلون عن الجهة المنظمة. في باريس، كما هو الحال في أماكن أخرى، وخاصة في إنجلترا، تم طرد الأفراد العنيفين من الملاعب، ولذلك أصبحوا ينشطون الآن خلال الفعاليات الخارجية المرتبطة بكرة القدم.
الجدير بالذكر أن هذه المشاكل ليست قاصرة على فرنسا. ففي الأسبوع الماضي، شهدت نابولي عشرات الاعتقالات والعديد من الإصابات بسبب أعمال العنف التي وقعت في الشوارع احتفالاً بفوز نابولي بالدوري الإيطالي. وفي اليوم نفسه في ليفربول، اصطدمت سيارة بحشد من مئات الآلاف كانوا يحتفلون بلقب ليفربول، مما أسفر عن أكثر من 70 جريحاً، بعضهم في حالة خطيرة.
في فرنسا، واجه وزير الداخلية برونو ريتايو انتقادات واسعة النطاق بعد هذه الأحداث. استغل حزب "التجمع الوطني" أعمال العنف للتنديد بما وصفوه بـ "التساهل الأمني". واتهم جوردان بارديلا، أحد أبرز وجوه الحزب، الوزير بـ "التقصير الأمني". من جانبهم، عكس نواب من اليسار الصورة، حيث انتقدوا سلوك قوات الأمن واتهموا الوزير بكونه "مستفزاً" و"منظماً للفوضى بقنابل الغاز المسيل للدموع".
من جهته، تحدث وزير الداخلية بلهجة شديدة، واصفاً المجتمع بأنه أصبح "مصنعاً للهمج" لأنه "فكك جميع ركائز الحضارة: السلطة، الاحترام، والتسلسل الهرمي". هذه التصريحات تتماشى مع ما قاله سابقاً وتعكس التوتر السياسي العام في البلاد. كما وعدت مارين لوبان، زعيمة "التجمع الوطني"، بأن حزبها في حال وصوله إلى السلطة سيتخلى عن "40 عاماً من التساهل والتنازلات" في ملف الأمن.
تظهر أحداث ما بعد فوز PSG بوضوح كيف يمكن للأحداث الرياضية الكبرى أن تتحول إلى ساحة للمعارك السياسية وتبادل الاتهامات، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المستقبلية.