
في كلمات قليلة
استخدم نائب في البرلمان الفرنسي إحصائية خاطئة عن معدلات إعادة الجريمة يبدو أنها نشأت من موقع إخباري مزيف تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. هذا الحادث يبرز التحدي المتزايد للمعلومات المضللة التي يولدها الذكاء الاصطناعي وتأثيرها المحتمل على الخطاب العام والسياسي.
وجد موقع إلكتروني يبدو أنه أنشئ بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي نفسه في قلب نقاش سياسي مهم في فرنسا، بعد أن استشهد نائب برلماني ببيانات حول معدلات إعادة الجريمة يبدو أنها اختلقت من هذا الموقع.
تصاعد الجدل حول فعالية أنواع مختلفة من الأحكام القضائية ومعدلات إعادة الجريمة بعد أحداث عنف تلت مناسبة رياضية كبرى. وزير العدل الفرنسي دعا إلى تشديد الأحكام، بما في ذلك إلغاء الأحكام مع وقف التنفيذ واستبدالها بعقوبات دنيا لجعل النظام القضائي أكثر صرامة.
عارض نواب من المعارضة هذا الاقتراح، واصفين إياه بالشعبوية. صرح النائب مانويل بومبار من حزب "فرنسا الأبية" (La France insoumise) بأنه لمكافحة الجريمة بفعالية، يجب النظر في كيفية تأثير العقوبة على احتمال ارتكاب جريمة أخرى. واستشهد بإحصائيات تشير إلى أن معدل إعادة الجريمة بعد السجن الفعلي يبلغ حوالي 60٪، بينما ينخفض إلى 34٪ عند الحكم بعقوبة مع وقف التنفيذ.
تحقيق في الأرقام التي ذكرها النائب أظهر أن الرقم الأول (حوالي 60٪ إعادة الجريمة بعد السجن الفعلي) يتوافق مع التقارير الرسمية الأخيرة لوزارة العدل الفرنسية. وجدت دراسة تتبعت سجناء أفرج عنهم في عام 2016 أن 63٪ منهم ارتكبوا جريمة أخرى خلال خمس سنوات من الإفراج.
لكن الرقم الثاني – 34٪ إعادة الجريمة بعد الحكم مع وقف التنفيذ – لم يتم العثور عليه في أي دراسات حديثة لوزارة العدل. عندما سئل عن مصدر هذه المعلومة، قدم النائب لقطة شاشة لنص يزعم أن دراسة أجرتها الوزارة في الفترة 2015-2020 قارنت معدلات إعادة الجريمة وأظهرت 59٪ بعد السجن الفعلي، و 41٪ بعد الوقف الجزئي، و 35٪ بعد الوقف الكامل مع المراقبة.
بعد البحث، تبين أنه لا توجد دراسة لوزارة العدل تتطابق مع هذا الوصف المزعوم. الوزارة حللت فترة مختلفة (2016-2021) ولم تنشر بيانات حول ما يحدث للأشخاص الذين حكم عليهم بأحكام مع وقف التنفيذ. البيانات الوحيدة ذات الصلة في تقاريرهم تتناول نسبة مرتكبي الجرائم الذين حصلوا على حكم مع وقف التنفيذ *بعد* جريمتهم الثانية، وهو عكس ما يتم البحث عنه تماماً.
مصدر الإحصائية الخاطئة التي اقتبسها النائب كان مقالاً من موقع إلكتروني بعنوان "تعقيد الوقف الجزئي: تحليل قانوني معمق". للوهلة الأولى، يبدو الموقع ذا مصداقية ومتخصصاً في الأخبار القانونية. لكن عند التدقيق، تبين أن الموقع يمتلك جميع سمات موقع إخباري مزيف تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. تشمل هذه السمات النشر من قبل نفس الشخص الذي لا يبدو أنه موجود بالفعل، أوقات نشر غريبة، عدم وجود معلومات عن الموقع، أقسام غير متناسقة، رابط غير فعال للمعلومات القانونية، صور مولدة بالذكاء الاصطناعي، وإنشاؤه قبل عامين (وقت ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الأولى)، والأهم من ذلك، وجود معلومات وإحصائيات في المقالات لا يمكن العثور عليها في أي مصدر آخر.
على سبيل المثال، يذكر المقال من الموقع المزيف دراسة مزعومة أجريت عام 2020 واستطلاعاً بين القضاة، ويقتبس من تقرير المراقب العام لأماكن سلب الحرية بطريقة لا تتوافق مع النص الأصلي للتقرير. فحص نص المقال بستة أدوات كشف الذكاء الاصطناعي أظهر أن أربعة منها صنفته على أنه مكتوب في الغالب بواسطة الذكاء الاصطناعي. يبدو أن الموقع، الذي حمل اسم similar to a real legal website، حاول محاكاة المواقع القانونية الحقيقية ليبدو أكثر مصداقية.
تتفاقم المشكلة لأن هذا الموقع الإخباري المزيف، بما يحتويه من أرقام فريدة وغير موجودة في مكان آخر، يتم فهرسته بشكل جيد في محركات البحث، وخاصة جوجل. يظهر في الروابط الأولى عند البحث عن معدل إعادة الجريمة للمحكومين مع وقف التنفيذ. هذا يوضح كيف يمكن لشخص حسن النية أن ينشر معلومات خاطئة اختلقها الذكاء الاصطناعي، ويبرز خطر هذه المواقع المزيفة المولدة بالذكاء الاصطناعي على دقة المعلومات المتاحة للجمهور.
النائب مانويل بومبار نفسه علق على الأمر قائلاً إن "تكاثر هذا النوع من المواقع يمكن أن يكون إشكالية لأن المعلومات قد لا تكون موثوقة بما فيه الكفاية"، لكنه دافع عن موقفه بالإشارة إلى دراسات أقدم (منذ 20 إلى 30 عاماً). ورغم أن هذه الدراسات الأقدم لا توفر الرقم 34٪ المحدد، إلا أنها تدعم بشكل عام فكرة أن معدلات إعادة الجريمة للمحكومين مع وقف التنفيذ كانت أقل بكثير من تلك للمفرج عنهم من السجن (على سبيل المثال، 36٪ أو 39٪ مقابل 61٪ أو 72٪ في دراسات أجريت عامي 2005 و 2010 على التوالي). يبقى التساؤل حول مدى دقة هذه البيانات اليوم، بالنظر إلى التغييرات في القوانين والزيادة العامة في معدلات إعادة الجريمة على مدى العقود الثلاثة الماضية.