التركيز الأمني الشامل: هل هو أداة مفيدة للفوضى؟ نقاش في فرنسا

التركيز الأمني الشامل: هل هو أداة مفيدة للفوضى؟ نقاش في فرنسا

في كلمات قليلة

يثار جدل في فرنسا حول فعالية المقاربة الأمنية الصارمة لمواجهة تزايد انعدام الأمن. يرى البعض أن التركيز فقط على إجراءات مثل المراقبة بالفيديو دون معالجة الأسباب الجذرية للمشاكل الاجتماعية قد يكون غير فعال بل ويسهم في تفاقم الوضع.


يشهد النقاش العام في فرنسا تركيزاً متزايداً على كيفية مواجهة ما يُوصف بتزايد "الهمجية" وانعدام الأمن. وتُعد فعالية الإجراءات الأمنية الصارمة، مثل التوسع في استخدام كاميرات المراقبة بالفيديو، نقطة خلاف رئيسية.

هناك مقولة شهيرة بأن "الله يضحك على من يندبون الآثار وهم يعشقون الأسباب". لكن ربما يكون هناك جانب آخر يضحك عليه الله أيضاً، وهو أولئك الذين يعالجون الآثار فقط دون الاهتمام بأسبابها الجذرية. ويبدو أن هؤلاء كُثر.

الصراع الأخير بين عمدة مدينة نيس واللجنة الوطنية للمعلومات والحريات (CNIL) يوضح هذه النقطة. فالعمدة يرى في المراقبة بالفيديو حلاً لانتشار "الهمجية". بينما تعتبر CNIL أن هذا "العلاج" قد يكون أسوأ من "المرض" نفسه، لأنه يهدد الحريات الفردية.

لكن الطرفين معاً يبدوان وكأنهما يتجاهلان لب المشكلة، حيث يركزان بشكل واضح على آثار "الهمجية" ومظاهرها (مثل العنف في الشوارع)، بدلاً من البحث في أسبابها العميقة. إنهم يعالجون الأعراض فقط، تاركين المرض الأصلي لينمو بلا قيود. ونتيجة لذلك، لا الدفاع عن الحقوق الفردية ولا بناء "مجتمع أمني" شامل يمكنهما احتواء هذا المد المتزايد من المشاكل.

بل الأسوأ من ذلك، أن كلاً من هذين المسارين، من خلال التركيز على التعامل مع النتائج فقط، يبدوان وكأنهما يخدمان الظاهرة التي يحاولان مكافحتها.

في مجتمع يتجه نحو مزيد من الخشونة والعنف، يصبح النقاش بين تعزيز security (الأمن) والحفاظ على الحريات الفردية حاداً بشكل خاص. أمثلة على أعمال الشغب التي تتبع أحياناً الأحداث الرياضية الكبرى، مثل انتصارات فريق كرة القدم الفرنسي باريس سان جيرمان في الماضي، تبرز هذه المشكلة. هذه الأحداث تظهر أن مجرد زيادة عدد الشرطة أو installation (تركيب) المزيد من الكاميرات لا يحل مشكلة العنف المتجذر والسلوك التخريبي.

يشدد الخبراء بشكل متزايد على ضرورة فهم ومعالجة الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار الاجتماعي وارتفاع معدلات الجريمة، بدلاً من الاعتماد فقط على إجراءات المراقبة والردع. فتجاهل الجذور العميقة للمشكلة يجعل جميع جهود تأمين seguridad (الأمن) مجرد حلول سطحية ومؤقتة، قد تخفي المرض لكنها لا تعالجه حقاً.

نبذة عن المؤلف

فيكتور - محلل سياسي ذو خبرة طويلة في وسائل الإعلام الأمريكية. تساعد مقالاته التحليلية القراء على فهم تعقيدات النظام السياسي الأمريكي.