دحض مزاعم تيك توك: مؤرخون ينفون أكل المستعبدين البيض لعبيدهم بعد الإلغاء

دحض مزاعم تيك توك: مؤرخون ينفون أكل المستعبدين البيض لعبيدهم بعد الإلغاء

في كلمات قليلة

انتشرت شائعات على تيك توك تزعم أن المستعبدين البيض أكلوا عبيدهم بعد إلغاء العبودية. دحض مؤرخون هذه الادعاءات بشكل قاطع، موضحين أنها تستند إلى سوء فهم لعمل أكاديمي يتناول «الاستهلاك» الرمزي لأجساد العبيد. يؤكد هذا على أهمية مكافحة الأخبار الكاذبة التاريخية وضمان تدريس دقيق لتاريخ العبودية.


انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً على تيك توك، مزاعم تدعي أن المستعبدين البيض في الولايات المتحدة كانوا يأكلون عبيدهم بعد إلغاء العبودية. أثارت هذه الشائعات تساؤلات لدى الجمهور، وتم التحقق منها من قبل المتخصصين.

يؤكد المؤرخون بشكل قاطع أن هذه الادعاءات كاذبة. لا توجد سجلات تاريخية موثوقة أو وثائق تدعم مثل هذه الأفعال. لم يعثر أي مؤرخ متخصص في فترة العبودية على أي دليل على حدوث مثل هذه الظاهرة الممنهجة.

يبدو أن مصدر هذه الشائعات هو سوء تفسير لعمل أكاديمي بعنوان «The Delectable Negro» (2014) للمؤلف فينسنت وودارد. هذا الباحث الأمريكي الأفريقي، الذي عمل في تقاطع الدراسات الأدبية والتاريخ الثقافي الأمريكي الأفريقي، لم يوثق أكل لحوم البشر الفعلي. بل طور قراءة رمزية «لاستهلاك أجساد السود من قبل المستعبدين».

وفقاً لوودارد، كان جسد العبد يُستهلك بمعنى جنسي واجتماعي واقتصادي: من خلال العمل القسري والاغتصاب والاستغلال والحرمان من الحقوق. يؤكد المؤرخون هذا التفسير. على سبيل المثال، يشير مصطلح «consumption» الذي استخدمه وودارد إلى الاستيلاء على أجساد العبيد من قبل أسيادهم، بما في ذلك عن طريق العنف.

كما تُذكر التجارب الطبية التي أجريت على العبيد السود دون تخدير من قبل الطبيب جيمس ماريون سيمز في القرن التاسع عشر كشكل آخر من أشكال «استهلاك» أجسادهم.

يشدد الخبراء على أن المصادر التاريخية لا تحتوي على أي ذكر لأفعال أكل لحوم البشر من قبل المستعبدين تجاه عبيدهم. تنتمي مثل هذه الأفكار إلى مجال الرمزية والخيال، مثل الخوف من الأكل الذي عبر عنه بعض الأسرى الأفارقة. لكنها ليست حقائق تاريخية موثقة.

لماذا لا تُدرس مثل هذه المواضيع في المدارس؟ ببساطة لأن هذه «الحقائق» غير موجودة ولم يوثقها المؤرخون. ومع ذلك، بشكل عام، يتم تدريس تاريخ العبودية في المدارس بشكل غير متساوٍ. غالباً ما يتم التركيز أكثر على العبودية في الولايات المتحدة، في حين أن تاريخ العبودية في المستعمرات الفرنسية (مثل سانت دومينغو، هايتي حالياً – أكبر مستعمرة عبودية فرنسية) قد لا يحظى بتغطية كافية. إن التدريس الشامل والمتوازن لتاريخ العبودية، بما في ذلك المقاومة والتراث الثقافي والمنطق العنصري الذي صاحب تجارة الرقيق والعبودية، يمثل تحدياً مهماً.

تتطرق المقالة أيضاً إلى مفهوم «التبييض» (whitewashing) – عملية محو أو تبييض الشخصيات السوداء أو الحقائق التاريخية المتعلقة بهم في الثقافة والتصورات. يمكن ملاحظة ذلك في بعض الأفلام أو الرسوم التوضيحية وحتى في الكتب المدرسية. ويُذكر مثال على ذلك كتاب مدرسي من تكساس في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وصف العبيد بأنهم «عمال مهاجرون»، وقد تم سحبه لاحقاً. تسلط هذه الأمثلة الضوء على أهمية الدقة والشمولية في الذاكرة التاريخية.

نبذة عن المؤلف

يانا - صحفية متخصصة في قضايا التعليم والعلوم في فرنسا. تعتبر موادها عن الجامعات الفرنسية والإنجازات العلمية دائمًا ذات صلة ومفيدة.