إيطاليا: الإفراج الكامل عن جيوفاني بروسكا قاتل القاضي فالكوني يثير غضباً وجدلاً واسعاً

تعيش إيطاليا حالة من الانقسام والجدل الواسع بعد الكشف عن الإفراج الكامل عن عضو المافيا السابق جيوفاني بروسكا، المعروف بـ«الجزار». هذا الرجل، الذي ضغط على زر تفجير العبوة التي أودت بحياة القاضي الشهير جيوفاني فالكوني، رمز مكافحة المافيا، في عام 1992، يتمتع الآن بالحرية الكاملة بعد قضائه 25 عاماً في السجن وثلاث سنوات تحت الإقامة الجبرية.

على الرغم من أن الإفراج الفعلي عن بروسكا قد حدث قبل عام تقريباً، إلا أن الخبر لم يظهر إلى العلن إلا مؤخراً. الزعيم السابق للمافيا الصقلية، الذي كان في يوم من الأيام الذراع الأيمن لـ توتو ريينا ورأس عشيرة كورليوني، يعيش الآن تحت هوية جديدة.

من بين مئات جرائم القتل التي أدين بها بروسكا، تبرز جريمة اغتيال القاضي فالكوني بالقرب من باليرمو. وبعد أسابيع قليلة، كان أحد المخططين لاغتيال قاضٍ آخر متخصص في مكافحة المافيا، باولو بورسيلينو. كما يُنسب إليه اغتيال ابن أحد المتعاونين مع العدالة في ظروف بشعة.

المفارقة تكمن في أن بروسكا استعاد حريته بفضل قانون التعاون مع العدالة، وهو القانون الذي أيده وسعى إليه القاضي فالكوني نفسه. ينص هذا القانون على تخفيض العقوبات للمتعاونين مع السلطات في مكافحة الجريمة المنظمة.

منذ اعتقاله في عام 1996، بدأ بروسكا بالتعاون بالفعل، وقدم معلومات أدت إلى اعتقالات وإدانات وساعدت في فهم أفضل للروابط بين "كوزا نوسترا" والسياسة. يؤكد القاضي كازيلي، الذي اعتقل بروسكا، أن مكافحة المافيا لا يمكن أن تتقدم إلا باحترام قانون المتعاونين.

لكن رغم هذا التعاون والتطبيق القانوني، أثار خبر الإفراج غضباً شديداً وقسم المجتمع الإيطالي. أرملة أحد حراس فالكوني تساءلت بغضب: ماذا سنخبر الأطفال في المدارس الآن؟ بينما قال القاضي الذي اعتقله إنه يتفهم الغضب، لكنه أضاف أن الدولة ذات المصداقية تحترم التزاماتها.

بروسكا نفسه، في مقابلة أجريت معه في السجن عام 2016، صرح: «لقد حان الوقت لاغتنام هذه الفرصة وطلب الصفح، وطلب المغفرة من جميع أقارب الضحايا الذين سببت لهم الكثير من المعاناة. أعتبر "كوزا نوسترا" سلسلة من الموتى».

لكن حتى مع التعاون والتعبير عن الندم، يبقى إطلاق سراحه "ضربة في قلب البلاد بأسرها" بالنسبة للكثيرين في إيطاليا، كما وصفها صحفي متخصص في الجريمة المنظمة.