
في كلمات قليلة
بدأت في باريس محاكمة 16 عضواً في جماعة يمينية متطرفة فرنسية تدعى "Action des forces opérationnelles" (AFO). يُتهمون بالتخطيط لاعتداءات إرهابية ضد المسلمين، بما في ذلك اغتيال أئمة وتسميم منتجات حلال في المتاجر.
بدأت في باريس محاكمة 16 عضواً في جماعة يمينية متطرفة فرنسية تُعرف باسم «Action des forces opérationnelles» (AFO)، يُتهمون بالتخطيط لاعتداءات إرهابية ضد الجالية المسلمة في فرنسا بين عامي 2017 و2018.
تتم محاكمة هؤلاء الأشخاص، وهم ثلاثة عشر رجلاً وثلاث نساء، بشكل أساسي بتهمة تكوين جماعة إجرامية إرهابية وحيازة أسلحة غير قانونية.
تتنوع خلفيات المتهمين الذين تتراوح أعمارهم بين 38 و75 عاماً، فمنهم تاجر آثار، وصاحب مطعم، ومحاسب، وحرفي، وعاطل عن العمل، ومعلم ثانوي. كان هؤلاء الأشخاص، المنتشرون في جميع أنحاء الأراضي الفرنسية، قد تجمعوا ضمن جماعة AFO السرية.
كان أعضاء الجماعة مدفوعين بأفكار هوياتية، وهاجس واحد: «محاربة النفوذ الإسلامي» في فرنسا، وفقاً لوثيقة تابعة للجماعة صادرتها الشرطة. وتستمر محاكمة هؤلاء الأشخاص الـ 16 أمام محكمة الجنح في باريس حتى 4 يوليو المقبل.
ووفقاً للمدعين، كانت AFO «منظمة هرمية ومنظمة» تخطط «لأعمال عنف ملموسة في أماكن رمزية». كانت الجماعة مقسمة إلى ثلاث «نطاقات عملياتية»: «البيض» و«الرماديون» المكلفون بتقديم الدعم اللوجستي، و«السود» – حوالي عشرة أشخاص – المسؤولون عن «الانتقال إلى العمل».
كان العديد من هؤلاء الأخيرين على صلة سابقة أو حالية بالجيش، ويمتلكون أسلحة نارية ويتدربون بانتظام على الرماية. ويُعتبر غي س.، البالغ من العمر 75 عاماً وهو شرطي وطني متقاعد، الزعيم المفترض للجماعة، حيث كان يتفاعل تحت الاسم المستعار «ريشليو». ويُقال إنه كان متورطاً في «توفير أو شراء الأسلحة، وتنظيم التدريبات التي تشمل حصص الرماية» ونشر معلومات تهدف إلى تصنيع الذخيرة بطريقة يدوية. وينفي محاميه بشدة اتهامات الإرهاب والتخطيط لأي أعمال عنف.
ويبدو أن دانيال ر.، الملقب بـ«تومي»، والذي كان عسكرياً سابقاً يبلغ من العمر 39 عاماً، قد لعب دوراً مهماً أيضاً؛ حيث وصفه عضو آخر بأنه «مسؤول المتفجرات في المجموعة». عُثر على مسدس وبندقية في منزله بالإضافة إلى مكونات تستخدم في صناعة المتفجرات المصنوعة من مادة TATP، وهي مادة سهلة التصنيع نسبياً ولكنها شديدة عدم الاستقرار، وقد استخدمها الجهاديون في هجمات سابقة. ويؤكد محاميه أن الأسلحة التي عُثر عليها قديمة جداً، وأن إحداها تعود إلى القرن التاسع عشر واشتريت في بلجيكا حيث شراء وحيازة الأسلحة حرة. أما عن القنبلة اليدوية التي عُثر عليها في سيارة موكله، فيقول المحامي إنها كانت «ضعيفة الشحنة جداً» ولن تتسبب في أي أضرار.
تم الكشف عن خطط الجماعة بفضل عميل سري من المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI). التقى العميل بعضوين آخرين بارزين في AFO: برنار س. وفيليب ك. خلال أحد اللقاءات في يونيو 2018، في مقهى بوسط باريس، شرح الرجلان بالتفصيل طموحات الجماعة: «قتل 200 إمام متطرف» أو «قتل سجناء متطرفين». كما اعترفوا بأنهم فكروا في «قتل» عالم الإسلام السويسري طارق رمضان قبل مشاكله القضائية.
في اجتماع آخر بعد أيام قليلة، شارك فيه العميل السري مجدداً، تحدث برنار س. عن مشروع تسميم منتجات حلال في عدة محلات تجارية. تم التخطيط لعملية استكشاف في الشهر التالي بواسطة فيليب ك. خلال تفتيش منزله، تم العثور على عدة أسلحة ووثيقة بعنوان «عملية حلال» (OP HALAL). جاء في الوثيقة: «الفكرة هي خلق انخفاض في استهلاك منتجات حلال في المحلات الكبرى محلياً (أو وطنياً) [...] مع إثارة حالة من الذعر بين المسلمين». وفي نفس الوثيقة، كان هناك جزء يسمى «عملية مسجد» (OP MOSQUEE) يصف مشروعاً يستهدف «تفجير» باب مسجد في كليشي لا غارين ونشر «قناصة من مسافة بعيدة».
في التحقيقات، قلل برنار س. من شأن هذه المشاريع، مؤكداً أن الأفكار المطروحة في «عملية حلال» و«عملية مسجد» كانت «أفكاراً غريبة طرحها بعض الأعضاء». وعن مسألة الأسلحة التي كان يمتلكها العديد من أعضاء الجماعة، بمن فيهم هو، برر ذلك قائلاً: «لا يمكننا الدفاع عن أنفسنا بالمقلاع». وأوضح للمحققين أن هدف الجماعة هو «مواجهة الأسلمة الراديكالية للبلاد»، «بحماية أنفسنا وتزويد أنفسنا بوسائل الحماية». فيليب ك. أكد كلامه، متحدثاً عن «حركة مقاومين، وطنيين بحرف ب كبير، من شأنها أن تدعم القوات المسلحة في حالة نزاع داخلي أو خارجي».
يشير قرار الإحالة إلى أن إيديولوجية AFO تغذت على «ربط الإرهاب الجهادي بالإسلام بشكل عام، والخوف من نظرية 'الاستبدال العظيم' (نظرية مؤامرة تقول إن السكان الفرنسيين يتم استبدالهم تدريجياً بسكان من أصل شمال أفريقي)، ورؤية منحلة للمجتمع الفرنسي يقابلها نزعة البقاء المنحرفة نحو التسارع».
ومع ذلك، تم تصنيف الأفعال، التي كانت تعتبر في البداية جنايات، كجنح لأنه «لم يتم الانتهاء من مشاريع الأعمال العنيفة بشكل كامل»، حسبما أوضح مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب لوكالة الأنباء الفرنسية، مؤكداً «تطبيق سياسته الجنائية المعتادة». ويواجه المتهمون الأكثر تورطاً في القضية، الملاحقون بتهمة تكوين جماعة إجرامية إرهابية، عقوبة تصل إلى عشر سنوات سجناً وغرامة قدرها 150 ألف يورو.