
في كلمات قليلة
بعد ستة أشهر من الإعصار المدمر، تسعى جزيرة مايوت جاهدة لاستعادة نظامها البيئي المتضرر بشدة. تضافرت جهود المنظمات البيئية والسكان المحليين لإعادة زرع الأشجار وتنظيف المناطق المتأثرة. تواجه الجزيرة تحديات كبيرة مع اقتراب موسم الجفاف، بما في ذلك خطر نقص المياه واندلاع حرائق واسعة.
بعد مرور ستة أشهر على إعصار «تشيدو» المدمر الذي ضرب جزيرة مايوت، لا يزال الأرشيف البيئي للجزيرة يعاني من آثار كارثية. رغم انتهاء موسم الأمطار وعودة الخضرة الظاهرية بسرعة على جوانب الطرق، يحذر خبراء البيئة من أن هذا النمو مؤقت وأن الدمار الحقيقي أعمق بكثير.
الآثار المدمرة للإعصار واضحة في كل مكان: الأشجار العملاقة، بما في ذلك أشجار المانجو، اقتلعت من جذورها، ودمرت الموائل الطبيعية للحياة البرية. يشير الخبراء إلى تفاقم ابيضاض المرجان وزيادة كبيرة في ترسب الطمي بالبحيرة الساحلية. كما تشتتت مجموعات قرود الماكي (الليمور)، الرمز المميز للجزيرة، في المدن والمناطق السكنية بسبب فقدان موائلها الطبيعية، ودمرت جميع أعشاش الطيور تقريبًا.
في مواجهة هذه الكارثة البيئية، تكاتفت المنظمات غير الحكومية والجمعيات البيئية المحلية. تدق هذه المنظمات ناقوس الخطر بناءً على تحليلات تجمع بين الملاحظات الميدانية وبيانات الأقمار الصناعية، مؤكدة على فقدان هائل للغطاء الشجري ومساحات واسعة جردت من أوراقها مع اقتلاع العديد من الأشجار. هذا الوضع يخلق خطرًا فوريًا من الغزوات البيولوجية، وزعزعة استقرار التربة، وعمليات الاستيلاء غير القانونية على الأراضي.
تدعو الجمعيات السلطات إلى دمج استعادة الغابات في الوثائق السياسية والاستراتيجية الرئيسية لإعادة الإعمار، والتحرك الفعلي على الأرض، وتعبئة المجتمع المحلي. كما تؤكد على ضرورة الاستماع بشكل أكبر لجمعيات مايوتية وأخذ آرائها في الاعتبار خلال الزيارات الرسمية للجزيرة.
على الرغم من الدعوات الموجهة للسلطات، فإن هذه الجمعيات تعمل بالفعل على الأرض، حيث تنظم فعاليات في جميع أنحاء الأرخبيل. على سبيل المثال، بدأت إحدى الجمعيات في زراعة 4000 شجرة. اكتسبت هذه المبادرة، التي بدأت قبل مرور الإعصار، أهمية أكبر بعد «تشيدو» بسبب التدهور الشديد في النظام البيئي. المفارقة هي أن الدمار الذي خلفه الإعصار أطلق ديناميكية جديدة في التعبئة المجتمعية، حيث تشهد دعوات التطوع استجابة ممتازة.
تجلى هذا التعبئة الواسعة في 27 مايو الماضي، حيث تجمعت عشرات السكان حول خزان كومباني الاصطناعي، وهو أحد أهم مصادر المياه الطبيعية في مايوت. نظمت إحدى الجمعيات عملية تنظيف واسعة النطاق لإزالة الأضرار التي لحقت بهذا المورد المائي الحيوي. تضمنت العملية قطع جذوع الأشجار الضعيفة على ضفاف البحيرة، وإخراج الأغصان من الماء، وفرزها ونقلها.
بالنسبة للعديد من الشباب المشاركين في هذه الجهود، يمثل العمل فرصة للقيام بشيء مفيد، والتعلم، والمساهمة في مجتمعهم. يعتبر تنظيف الموارد المائية أمرًا حيويًا، خاصة وأنها مصدر مياه الشرب للسكان. تعمل الشابات والشبان المشاركون بجد، مدركين أهمية العمل رغم التحديات الشخصية التي يواجهونها.
السباق ضد الزمن جارٍ. مع اقتراب موسم الجفاف في مايوت، سيتم مراقبة حالة التنوع البيولوجي ومخزونات المياه عن كثب. تشير الجمعيات في تقريرها إلى أن الإدارة الجيدة لمياه الجريان السطحي والارتشاح ترتبط ارتباطًا وثيقًا بجودة الغطاء الطبيعي، وبالتالي فهي تمثل تحديًا كبيرًا لتوفير المياه لسكان مايوت. الأزمة قائمة بالفعل، حيث لا تزال هناك انقطاعات في إمدادات المياه في الجزيرة، ومن المتوقع أن تكون الحرارة أكثر صعوبة هذا العام بسبب غياب الغطاء النباتي.
التهديد الآخر يأتي من النشاط البشري، وخاصة ممارسات حرق المخلفات الزراعية التي لا تزال تمارس من قبل البعض في مايوت رغم الحظر الرسمي. يشكل هذا الحرق آفة حقيقية على الجزيرة، ويزداد الخطر من أن تنتشر الحرائق في الأسابيع القادمة لتوسيع المساحات الزراعية على حساب الغابات التي دمرها الإعصار. يحذر الخبراء قائلين: "تكفي عود ثقاب صغير لإشعال الجزيرة بأكملها".