ترامب يلوّح بـ "قانون التمرد" لمواجهة احتجاجات الهجرة في لوس أنجلوس.. وصراع مع القضاء

ترامب يلوّح بـ "قانون التمرد" لمواجهة احتجاجات الهجرة في لوس أنجلوس.. وصراع مع القضاء

في كلمات قليلة

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يهدد باستخدام "قانون التمرد" لقمع الاحتجاجات في لوس أنجلوس المناهضة لسياساته الهجرية. في المقابل، اعتبر قاضٍ فيدرالي سيطرة الإدارة الفيدرالية على الحرس الوطني في الولاية غير قانونية.


تشهد الولايات المتحدة صراعاً سياسياً وقانونياً متصاعداً على خلفية الاحتجاجات المناهضة لسياسات الهجرة. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يهدد باستخدام إجراء استثنائي وغير مسبوق: تفعيل «قانون التمرد» (Insurrection Act) الذي يعود للقرن التاسع عشر، للسماح بنشر القوات الفيدرالية للحفاظ على النظام.

اندلعت الاحتجاجات في لوس أنجلوس، ويعارض المشاركون فيها سياسات الهجرة المشددة التي تنتهجها الإدارة وعمليات الاعتقال والترحيل للمهاجرين غير الشرعيين التي تقوم بها وكالة ICE (إدارة الهجرة والجمارك). وعلى الرغم من الخطاب الصارم لترامب بشأن الهجرة، تُظهر إحصائيات حرس الحدود الأمريكية أن عام 2024 شهد تسجيل 8300 عملية اعتقال للمهاجرين فقط، وهو أدنى رقم لعبور الحدود منذ عام 2000.

رداً على تصاعد التوترات، عززت السلطات الفيدرالية تواجدها العسكري، حيث قدر البنتاغون تكلفة هذا الانتشار الاستثنائي بـ 134 مليون دولار. أمر دونالد ترامب بنشر 4000 جندي من الحرس الوطني و700 من مشاة البحرية (المارينز) العاملين، دون سند قانوني واضح. أثار هذا القرار غضب الديمقراطيين، حيث لا يحق للمارينز المشاركة في أنشطة حفظ الأمن الداخلي ما لم يفعل الرئيس رسمياً «قانون التمرد».

ما هو "قانون التمرد"؟

يعتبر «قانون التمرد» في الواقع مجموعة من ثلاثة قوانين تم تبنيها بين عامي 1792 و1871. وتشكل هذه القوانين استثناءً لـ «قانون Posse Comitatus» لعام 1878، الذي يحظر بشكل عام استخدام القوات المسلحة الفيدرالية لأداء مهام إنفاذ القانون داخل البلاد.

يسمح القسم 251 للرئيس بنشر القوات بناءً على طلب الهيئة التشريعية في الولاية، عندما يتجاوز التمرد المحلي قدرات السلطات المدنية. هذا هو البند الأقدم والأكثر استخداماً.

على النقيض، يجيز القسمان 252 و 253 التدخل دون موافقة الولاية المعنية، بل وحتى ضد إرادتها. يُطبق القسم 252 من أجل «إنفاذ القوانين» إذا جعل «التمرد» تطبيق القوانين الفيدرالية مستحيلاً عبر الطرق التنفيذية المعتادة. أما القسم 253، وهو أوسع نطاقاً، فيسمح للرئيس باستخدام الجيش لقمع «أي تمرد، أو عنف داخلي، أو مؤامرة» تمنع تنفيذ القوانين، أو تعرقل عمل القضاء الفيدرالي.

هذه النصوص صيغت بشكل عام جداً، مما يمنح الرئيس هامشاً واسعاً من التقدير دون رقابة قضائية صارمة.

ترامب يدرس تفعيل القانون

سبق لدونالد ترامب أن فكر في استخدام هذا القانون في يونيو 2020 خلال ولايته الأولى، في أعقاب الاحتجاجات التي تلت مقتل جورج فلويد. حينها، دعا الحكام إلى تعبئة مكثفة للحرس الوطني لإعادة النظام، لكنه لم يصل إلى حد تفعيل «قانون التمرد».

الآن، عاد ترامب للتهديد. سبق له أن وقّع مرسوماً يطلب من وزيري الدفاع والأمن الداخلي صياغة توصيات لتعزيز الرقابة على الحدود الجنوبية. ومؤخراً، في العاشر من يونيو الجاري، صرّح ترامب قائلاً: «إذا كان هناك تمرد، فسوف أفعّله بالتأكيد. سنرى».

على الرغم من وجوده منذ أكثر من قرنين، تم استخدام «قانون التمرد» حوالي 30 مرة فقط. استُخدم من قبل أبراهام لينكولن خلال الحرب الأهلية، ويوليسيس غرانت لمكافحة عنف جماعة كو كلوكس كلان، ودوايت أيزنهاور لفرض إنهاء الفصل العنصري في مدارس أركنساس، ومؤخراً في عام 1992، فعّله الرئيس جورج بوش الأب خلال أعمال الشغب في لوس أنجلوس.

حدود قانونية غامضة وصراع قضائي

أحد الانتقادات الرئيسية الموجهة لهذا القانون يكمن في عدم وضوح إطاره القانوني. يشير الخبراء إلى أن القانون لا يحدد بوضوح شروط استخدامه ويمنح الرئيس سلطة أحادية. مصطلحات رئيسية مثل «تمرد»، «عصيان»، أو «عنف داخلي» لم يتم تعريفها بدقة، مما يترك الباب مفتوحاً للتأويلات التعسفية.

حتى المحكمة العليا نفسها أقرت بأن تقدير تطبيق القانون يعود للرئيس وحده، دون الحاجة لموافقة الولاية المعنية *في حال تم تفعيله*. ومع ذلك، فإن دونالد ترامب لم يفعّل القانون رسمياً بعد. لهذا السبب، يعترض حاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافن نيوسوم وقاضٍ فيدرالي على تصرفات الإدارة الفيدرالية.

في أمر قضائي مؤقت، اعتبر القاضي تشارلز برير من المنطقة الشمالية في كاليفورنيا سيطرة الإدارة الفيدرالية على الحرس الوطني «غير قانونية». ذكر القاضي أنه «لم يتبع الإجراء المطلوب من قبل الكونغرس لأفعاله»، وطالب بإعادة السيطرة إلى الحاكم نيوسوم. كما لام الإدارة على إساءة تفسير القانون، مشيراً إلى أن الاحتجاجات في لوس أنجلوس، على الرغم من التوترات التي شابتها، لا تشكل «تمردًا» بالمعنى القانوني.

وفاءً لنهجه في المواجهة مع الجهاز القضائي، اعترض دونالد ترامب على الفور على هذا الحكم. وصفت وزارة العدل الأمريكية قرار المحكمة بأنه «تدخل غير عادي» من السلطة القضائية.

نبذة عن المؤلف

كريستينا - صحفية تكتب عن التنوع الثقافي في فرنسا. تكشف مقالاتها عن الخصائص الفريدة للمجتمع الفرنسي وتقاليده.