الانقسام يعصف باليسار الفرنسي: هل يتحالف مع "فرنسا الأبية" لمواجهة اليمين المتطرف؟

الانقسام يعصف باليسار الفرنسي: هل يتحالف مع "فرنسا الأبية" لمواجهة اليمين المتطرف؟

في كلمات قليلة

يدور نقاش حاد داخل اليسار الفرنسي حول ضرورة التحالف مع جان لوك ميلانشون وحزبه لمواجهة صعود اليمين المتطرف ممثلاً في "التجمع الوطني". يرى البعض أن التحالف ضروري لتجنب الإقصاء المبكر، بينما يرى آخرون أن شخصية ميلانشون وسلوكياته المثيرة للجدل تضعف اليسار وتخدم اليمين.


يواجه اليسار الفرنسي انقساماً حاداً بشأن الاستراتيجية الأمثل لمواجهة الصعود القوي لحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان وجوردان بارديلا. تدور المعضلة الرئيسية حول ما إذا كان الحزب الاشتراكي وأطراف أخرى من اليسار يجب أن يعقدوا تحالفاً جديداً مع حزب "فرنسا الأبية" (LFI) بزعامة جان لوك ميلانشون.

يرى أوليفييه فور، زعيم الحزب الاشتراكي، أن خطر وصول اليمين المتطرف إلى السلطة يبرر إقامة تحالف مع "فرنسا الأبية"، حتى لو كان ذلك مكلفاً سياسياً بعد أشهر من الخلافات والنزاعات بين الطرفين. يدفع فور بأن عدم وجود مرشحين مشتركين لليسار سيؤدي إلى إقصائه من الجولة الأولى في غالبية الدوائر الانتخابية.

يشير أنصار هذا الرأي إلى تجربة انتخابات يوليو 2024، حيث سمح تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" بتقديم مرشحين موحدين، مما حقق نتيجة مقبولة في الجولة الأولى، رغم أن التحالف كان بعيداً عن الأغلبية المطلقة.

ولكن من الناحية السياسية، يرى المنتقدون أن هذا التحالف، على الرغم من ضرورته لعبور الجولة الأولى، يمثل ضماناً للهزيمة في الجولة الثانية. والسبب الرئيسي هو أن جان لوك ميلانشون أصبح اليوم أكثر الشخصيات السياسية إثارة للجدل وأقلها شعبية مقارنة بثنائي "التجمع الوطني" لوبان وبارديلا.

وبسبب تصريحاته وسلوكياته المثيرة للجدل، يجادل البعض بأن "فرنسا الأبية" لم تعد تشكل حاجزاً ضد اليمين المتطرف، بل أصبحت منطلقاً له، حيث تجعل سلوكياتها المتطرفة "التجمع الوطني" يبدو أكثر اعتدالاً وطمأنينة في نظر شريحة متزايدة من الرأي العام.

لا يدافع أوليفييه فور صراحة عن التحالف مع "فرنسا الأبية"، بل يتحدث عن تبني "غموض استراتيجي"، وهي صيغة تستخدم لوصف المواقف الحساسة جداً، مما يشير إلى مدى صعوبة وخطر هذه الشراكة.

تفاقمت التوترات بسبب تبادل الاتهامات الحادة، مثل وصف نائب اشتراكي لميلانشون بأنه "حقير معادٍ للسامية". ورغم محاولة فور تهدئة الأمور وتوجيه النقاش نحو القضايا الاجتماعية مثل المعاشات والخدمات العامة بدلاً من اتهامات معاداة السامية، إلا أن الجدل حول شخصية ميلانشون وسلوكياته يبقى نقطة ضعف رئيسية لأي تحالف يساري، ويثير مخاوف من أن التركيز على هذه الخلافات قد يعزز قاعدة ميلانشون التي تراه "شهيداً". يبقى اليسار في مواجهة هذه المعضلة الصعبة، التي تهدد بتشتيت قواه في وقت يحتاج فيه إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى للتصدي لليمين المتطرف.

نبذة عن المؤلف

ناتاليا - صحفية اجتماعية، تغطي قضايا الهجرة والتكيف في فرنسا. تساعد تقاريرها السكان الجدد في فهم البلاد وقوانينها بشكل أفضل.