
في كلمات قليلة
أظهرت دراسة حديثة أن غالبية الموظفين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بنشاط في العمل بمبادرة شخصية، بينما تتخلف الشركات بشكل كبير في التبني الرسمي. هذا يخلق مخاطر تتعلق بأمن البيانات والامتثال، مما يؤكد الحاجة الملحة للتنظيم وتدريب الموظفين على استخدام الذكاء الاصطناعي.
أظهرت دراسة حديثة وجود فجوة كبيرة بين مدى استخدام الموظفين لأدوات الذكاء الاصطناعي (AI) في عملهم وبين سرعة تبني الشركات لهذه التقنيات. ففي حين أن ثلث الشركات فقط قامت بنشر أدوات الذكاء الاصطناعي لموظفيها، فإن ثلثي الموظفين يستخدمونها بالفعل بشكل احترافي، حيث يقوم 20% منهم باستخدامها يومياً.
هذه المفارقة تسلط الضوء على ظاهرة واسعة الانتشار تُعرف بـ"الذكاء الاصطناعي الخفي"، حيث يستخدم الموظفون أدوات غير معتمدة أو مدمجة رسمياً من قبل الإدارة. يشير الخبراء إلى أن تجاهل هذا الاتجاه يشبه التخلف عن ثورة مماثلة لظهور الإنترنت في الألفية الجديدة. أصبح من الضروري تحديد قواعد وإطارات واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الشركات لتجنب المخاطر.
وفقاً لبيانات الدراسة، غالباً ما يتبنى الموظفون الذكاء الاصطناعي التوليدي بمبادرة منهم، خاصة إذا لم يوفر صاحب العمل الأدوات المناسبة. يرون في الذكاء الاصطناعي تأثيراً إيجابياً أكبر بكثير من السلبي، خاصة فيما يتعلق بزيادة القدرة على الابتكار وتحسين ظروف العمل. هذا الاهتمام الكبير من قبل الموظفين يسبق استعداد الشركات، التي، كما يلاحظ المحللون، غالباً ما تفشل في مواكبة الظاهرة ولا تدرك دائماً المخاطر المرتبطة بها.
قيمة الذكاء الاصطناعي لبيئة العمل لا جدال فيها. في ظل الحمل الزائد للمعلومات، يساعد الذكاء الاصطناعي الموظفين على تصفية وتصنيف وتحديد أولويات المهام بكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، يغير الذكاء الاصطناعي تجربة العملاء، مما يسهل الوصول إلى الخدمات ويسمح بالعمل من أي مكان في العالم. يصر الخبراء على ضرورة تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي وتوفير تدريب كامل لكل من المديرين والموظفين العاديين. الدراسة تؤكد هذه الفوائد: 67% من المستخدمين المنتظمين للذكاء الاصطناعي راضون عن إنتاجيتهم، 73% يلاحظون تأثيراً إيجابياً على الابتكار والإبداع، و 71% على رفاهيتهم.
مع كل موجة تكنولوجية جديدة، كان هناك دائماً فجوة معينة بين ما يمكن للمستخدمين القيام به في المنزل وما كان متاحاً لهم في بيئة الشركة.
كلما زاد استخدام الموظفين للذكاء الاصطناعي التوليدي، زاد استكشافهم لإمكانياته وتنوعت استخداماته. بالإضافة إلى المهام القياسية مثل البحث عن المعلومات أو الترجمة أو التدقيق النحوي، يستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء صيغ تلقائية في جداول البيانات، تحليل وإعادة تنسيق البيانات، وتوليد وتحسين الأفكار. في المتوسط، قام كل مستخدم للذكاء الاصطناعي بتجربة أربعة سيناريوهات استخدام مختلفة، بغض النظر عن السياسة الداخلية لشركته.
من الصعب تقدير حجم الاستخدام "الخفي" للذكاء الاصطناعي، لكن الأرقام تتحدث عن نفسها: وفقاً لاستطلاعات مختلفة، نسبة كبيرة من الموظفين استخدموا الذكاء الاصطناعي مرة واحدة على الأقل، وبين الشباب، هذا الرقم أعلى. عدم وجود موقف واضح من قبل الشركات حول هذه المسألة يعزز هذه الممارسة، مما يخلق مخاطر إضافية.
استخدام الذكاء الاصطناعي دون رقابة مناسبة يرتبط بمخاطر جسيمة، أبرزها أمن البيانات. يحذر المحللون من أنه عند استخدام حلول غير معتمدة أو غير مصدق عليها من قبل الشركة، يزداد خطر سرقة البيانات أو الابتزاز. هناك أيضاً مخاطر تتعلق بالامتثال: استخدام الذكاء الاصطناعي قد ينتهك المعايير واللوائح الصناعية، مما يؤدي إلى غرامات على الشركة.
تهديد تسرب البيانات السرية عبر أوامر الإدخال (prompts) لنماذج الذكاء الاصطناعي يعد أمراً بالغ الأهمية. تشير التقديرات إلى أن جزءاً كبيراً من الاستفسارات قد يحتوي على معلومات خاصة بالشركة، بما في ذلك بيانات الموظفين والعملاء. بالإضافة إلى تهديدات الأمن، الاستخدام غير المنظم للذكاء الاصطناعي يحمل مخاطر أخرى. الذكاء الاصطناعي يسرع العمليات المعرفية، لكنه يعتمد على الاحتمالات الإحصائية وليس على البحث عن الحقيقة. هذا يسمح بالحصول على نتائج سريعة، لكنه لا يضمن دقتها وموثوقيتها. يجب على الشركات الانخراط بنشاط في قضايا دمج الذكاء الاصطناعي وتدريب الموظفين ووضع القواعد لاستغلال إمكانيات التكنولوجيا مع تقليل العواقب السلبية المحتملة.