
في كلمات قليلة
أثارت الضربات العسكرية الأمريكية على منشآت إيران النووية في 21 يونيو 2025، والتي جرت دون تفويض من الكونغرس، نقاشاً دستورياً حاداً في واشنطن. يدور الجدل حول مدى قانونية قرار الرئيس دونالد ترامب بشن هذه الهجمات دون موافقة تشريعية صريحة.
أثارت الضربات العسكرية التي نفذتها القوات الأمريكية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية يوم السبت الموافق 21 يونيو 2025 جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية في واشنطن. وجاء هذا العمل دون تصويت مسبق من الكونغرس الأمريكي، مما أثار استياءً بين الديمقراطيين وكذلك بعض الجمهوريين.
السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل كان يحق للرئيس السابق دونالد ترامب اتخاذ هذا الإجراء سراً، ودون حتى إبلاغ الكونغرس؟ بعد ساعات قليلة فقط من إعلان الرئيس نفسه عن الضربات، سارع العديد من المشرعين الأمريكيين إلى وصف العمل بأنه «غير دستوري».
على سبيل المثال، انتقد زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب بشدة على منصة X (تويتر سابقاً) قائلاً: «لقد ضلل الرئيس ترامب البلاد بشأن نواياه، ولم يسعَ للحصول على تفويض الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية، ويخاطر بزج الأمريكيين في حرب مدمرة محتملة في الشرق الأوسط».
حتى من الجانب الجمهوري، واجه قرار دونالد ترامب المنفرد، والذي ضغط على الزناد بعد أن أعلن أنه سيمنح نفسه أسبوعين للتفكير، صعوبة في المرور. واعتبر توماس ماسي، عضو مجلس النواب عن ولاية كنتاكي، في منشور مقتضب على X أيضاً: «هذا ليس دستورياً».
ما هي الحقيقة؟ هل اغتصب الرئيس سلطات لا يخولها له الدستور؟ هذا السؤال ليس محسوماً تماماً في الواقع. من حيث المبدأ، يجب على الكونغرس أن يصوت، حيث تنص المادة الأولى من الدستور على أن «الكونغرس هو من يعلن الحرب». لدخول الولايات المتحدة الحرب في الحربين العالميتين الأولى والثانية، توجه الرئيسان وودرو ويلسون (1917) وفرانكلين روزفلت (1941) إلى ممثلي مجلسي النواب والشيوخ للحصول على موافقتهم.
ومع ذلك، فإن المادة الثانية من الدستور تجعل رئيس الولايات المتحدة «القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية». في التاريخ، استخدم رؤساء الدول هذا البند كثيراً لتجاوز الكونغرس. لكن حرب فيتنام شكلت نقطة تحول. على الرغم من فيتو الرئيس آنذاك، صوت البرلمانيون، الذين انزعجوا من عدم استشارتهم بشكل منهجي، في عام 1973 على «قرار سلطات الحرب» (War Powers Resolution) لتأطير استخدام القوة من قبل الرئيس بصفته قائداً فقط. وبموجب هذا القانون، فإن «حالة الطوارئ الوطنية الناتجة عن هجوم على الولايات المتحدة، أو أراضيها، أو ممتلكاتها، أو قواتها المسلحة» فقط هي التي يمكن أن تبرر قرار الرئيس، بسبب ضيق الوقت وللتحرك بأقصى قدر من الفعالية، في شن ضربات عسكرية.
لكن بعض الرؤساء قد يكون لديهم مفهوم واسع لهذا البند. في يناير 2020، استخدم دونالد ترامب نفسه هذا البند لتبرير اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني بطائرة مسيرة في بغداد بالعراق، دون المرور عبر الكونغرس، ودون إثبات أن أمن الأراضي الأمريكية كان مهدداً بشكل مباشر. وبالتالي، من الممكن أن يستخدم نفس الحجة بعد الضربات التي وقعت الليلة الماضية على إيران، في حين كان يشرح هذا الأسبوع أن طهران «قريبة جداً» من الحصول على القنبلة النووية.
يظل نطاق السلطة الممنوح للرئيس بموجب الدستور محدوداً. في حالة عدم تصويت الكونغرس، ينص «قرار سلطات الحرب» صراحة على أن العملية التي يقوم بها الرئيس لا يمكن أن تستمر لأكثر من 60 يوماً. وخلال هذه الفترة، يتمتع الكونغرس بسلطة مطالبة الرئيس بوقف الضربات قبل انتهاء المهلة. لم تُسجل سوى استثناءات نادرة في التاريخ، لا سيما في عام 2001. ففي 18 سبتمبر، أي بعد سبعة أيام من الهجمات التي أودت بحياة أكثر من 3000 شخص على الأراضي الأمريكية، مُنح تفويض خاص، يسمى «تفويض استخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين» (Authorization for Use of Military Force Against Terrorists)، للسماح لجورج دبليو بوش بأن تكون لديه الحرية الكاملة لاستخدام أي «قوة ضرورية ومناسبة» ضد من اعتبرهم «خططوا أو سمحوا أو ارتكبوا أو ساعدوا» في هجمات 11 سبتمبر.
لذلك، على الرغم من أنه من الممكن أن يتعرض الرئيس الأمريكي لانتقادات من بعض المشرعين لتجاهله رأيهم، إلا أن تدخله لا يبدو أنه يتعارض بشكل مباشر مع الأحكام الدستورية الأمريكية في المرحلة الأولية. ومع ذلك، لا يمكن لدونالد ترامب الاستمرار في ضرباته إلى أجل غير مسمى دون موافقة الكونغرس على المدى الطويل. ربما يترك ذلك للسكان الأمريكيين تأكيداً ضئيلاً على أنهم لن يعيشوا الفشل الذريع في العراق أو أفغانستان مرة أخرى.