
في كلمات قليلة
الضربات الأمريكية الأخيرة على إيران تثير تساؤلات حول مدى التزام دونالد ترامب بوعده بإنهاء «الحروب التي لا تنتهي». المؤرخة مايا كانديل تحلل الوضع في سياق تبعات حرب العراق وظاهرة «الترامبية».
أعادت الضربات الأمريكية الأخيرة على أهداف في إيران تسليط الضوء على وعد دونالد ترامب «بإنهاء الحروب التي لا تنتهي»، والذي كان عنصراً أساسياً في حملته السياسية. لقد أثارت هذه الخطوة تساؤلات بين الخبراء والمراقبين حول مدى توافق أفعال الرئيس السابق مع خطابه.
تربط المؤرخة مايا كانديل، مؤلفة كتاب عن ظاهرة «الترامبية» (Trumpism)، ظهور هذا التيار، على وجه الخصوص، بتبعات حرب العراق. في رأيها، حالة المجتمع الأمريكي بعد خمسة عشر عاماً من الحروب المستمرة، والأزمة الاقتصادية لعام 2008، وأزمة المواد الأفيونية المتفاقمة، أثرت بشكل كبير على مزاج الناخبين. ويزيد الوضع مع المحاربين القدامى الذين عاد مئات الآلاف منهم إلى ديارهم من هذه الحروب، ليواجهوا مشاكل خطيرة، بما في ذلك ارتفاع معدلات الانتحار. لقد أصبحت هذه الخلفية أرضاً خصبة للسياسيين الذين وعدوا بإعادة النظر في مسار السياسة الخارجية الأمريكية ووقف الصراعات المكلفة والدموية في الخارج.
وسط تصاعد التوتر مع طهران، الناجم عن أعمال إسرائيل والضربات الأمريكية اللاحقة، يرى بعض المحللين تشابهاً مع الوضع الذي سبق حرب العراق في عام 2003. حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على سبيل المثال، من تكرار السيناريو العراقي، مشيراً إلى أن تغيير النظام بالقوة في إيران يمكن أن يؤدي إلى الفوضى في المنطقة. في الوقت نفسه، هناك وجهة نظر مفادها أن نظام الملالي في طهران هو السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
ردت إيران على الضربات الأمريكية بإطلاق صواريخ. على الرغم من خطر التصعيد، يُنظر إلى قرار ترامب باستخدام القوة على أنه تأكيد لاستراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي. في غضون ذلك، لا تعتقد أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن طهران اتخذت قراراً نهائياً بشأن صنع سلاح نووي.
يصبح الوضع حول إيران قضية مركزية في السياسة الخارجية الأمريكية، مما يطرح سؤالاً جوهرياً: هل تمثل أعمال ترامب الأخيرة استجابة براغماتية للتهديدات أم أنها تشكل ابتعاداً عن مساره المعلن لتقليل التدخل العسكري الأمريكي في الخارج؟ الإجابة على هذا السؤال حاسمة ليس فقط بالنسبة للشرق الأوسط، ولكن أيضاً لفهم مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية وظاهرة «الترامبية» نفسها.