
في كلمات قليلة
أصدر المجلس الدستوري الفرنسي قراراً يعرقل تطبيق عدة تدابير جديدة لتشديد التعامل مع قضايا الأحداث الجانحين في فرنسا. القرار أثار انتقادات بشأن مدى ملاءمة القوانين الحالية مع تحديات الجريمة بين الشباب.
أصدر المجلس الدستوري الفرنسي قراراً يعيق تطبيق عدة بنود رئيسية في قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات والإجراءات ضد الأحداث الجانحين. هذا القانون، الذي كان يسعى لتحديث نظام قضاء الأحداث، واجه اعتراضات دستورية.
من بين الإجراءات التي تم تعطيلها، إمكانية المثول الفوري أمام القضاء (حتى بموافقتهم) للمراهقين الذين تجاوزوا 16 عاماً وسبق أن تعاملوا مع العدالة خلال العام وارتكبوا جريمة جديدة يعاقب عليها بالسجن ثلاث سنوات أو أكثر. كما منع المجلس اتخاذ تدابير احترازية أو احتجاز المراهق مؤقتاً في حال رفض المثول الفوري، مع أن مؤيدي القانون يرون أن هذا الإجراء ضروري في بعض الأحيان لحماية الضحايا والمجتمع.
قرار المجلس أثار انتقادات واسعة، خاصة فيما يتعلق بتقييمه لخطورة الجرائم. اعتبر المجلس الدستوري أن الأفعال التي يعاقب عليها بالسجن ثلاث سنوات على الأقل، والتي يرتكبها حدث سبق أن تعامل مع القضاء خلال السنة الماضية، ليست "خطيرة بما يكفي". في المقابل، تشمل العقوبات التي تصل إلى ثلاث سنوات جرائم مثل السرقات المشددة والاعتداء على السلطات أو المعلمين، وجرائم الكراهية، وذلك بعد ارتكاب جرائم سابقة خلال العام نفسه.
بند آخر تم إيقافه يتعلق بخرق الأحداث الذين سبق أن تعاملوا مع العدالة للشروط والقيود المفروضة عليهم (مثل منع الاقتراب من الضحية، أو منع التجول ليلاً). كان القانون يقترح السماح للشرطة القضائية باحتجاز المراهق لمدة تصل إلى 12 ساعة لإعادة تأكيد هذه الالتزامات أمام القاضي. لكن المجلس رفض هذا البند، معتبراً أنه يتطلب إذناً قضائياً مسبقاً، بحجة أن المراهق "لم يرتكب جريمة جديدة"، بل خالف حظراً قائماً. يتساءل المنتقدون: كيف يمكن ضمان احترام التدابير التربوية إذا كان من الصعب تطبيق العقوبات على مخالفتها؟
وأخيراً، أبقى المجلس الدستوري على مبدأ "عذر الحدث"، الذي يقلص الحد الأقصى للعقوبة التي يمكن فرضها على الأحداث إلى نصف العقوبة المقررة للبالغين. لم يكن القانون الجديد يلغي هذا المبدأ كلياً، بل كان يفرض على القضاة تبرير قرارهم بتخفيف العقوبة في حالات المراهقين العنيفين العائدين للإجرام (فوق 16 عاماً) والذين ارتكبوا جرائم خطيرة يعاقب عليها بالسجن خمس سنوات أو أكثر. اعتبر المجلس أن القانون كان سيستثني تطبيق قواعد تخفيف العقوبة على "عدد كبير" من الجرائم، لكن مؤيدي القانون يؤكدون أنه كان يستهدف حالات نادرة جداً لأشد الجانحين خطورة.
يرى معارضو قرار المجلس الدستوري أن المجلس تجاوز دوره التشريعي في تقدير خطورة الأفعال وضرورة تكييف القوانين مع الواقع الاجتماعي الحالي، بما في ذلك استغلال القاصرين في الجريمة المنظمة. ويعتبرون أن المجلس يفضل الحفاظ على أيديولوجيات قديمة على حساب مواكبة التغيرات في طبيعة إجرام الأحداث.