ثورة في علاج أمراض المناعة الذاتية: علاج للسرطان يمنح أملاً جديداً للملايين

ثورة في علاج أمراض المناعة الذاتية: علاج للسرطان يمنح أملاً جديداً للملايين

في كلمات قليلة

يُظهر علاج جديد، تم تطويره في الأصل للسرطان، نجاحًا غير مسبوق في معالجة أمراض المناعة الذاتية الشديدة. تشير الدراسات الأولية إلى أن العلاج بالخلايا التائية CAR-T يمكن أن يؤدي إلى هدوء تام ودائم للمرض، مما يوفر أملًا جديدًا لمرضى الحالات الخطيرة مثل الذئبة والتصلب المتعدد.


تمثل أمراض المناعة الذاتية استجابة مناعية غير طبيعية يهاجم فيها الجهاز المناعي مكونات الجسم نفسه بدلاً من استهداف الميكروبات المسببة للأمراض فقط. يوجد أكثر من 80 نوعًا من أمراض المناعة الذاتية، مثل الذئبة الحمامية أو التصلب المتعدد، وتؤثر على ما بين 5 إلى 10 بالمائة من السكان، وتعتبر السبب الرئيسي الثالث للأمراض المزمنة. حتى الآن، لا يوجد علاج شافٍ لهذه الأمراض، على الرغم من التقدم الكبير في فهم آلياتها.

تلعب فئة من خلايا الدم البيضاء، تُعرف بالخلايا الليمفاوية البائية (B lymphocytes)، دورًا محوريًا في إنتاج الأجسام المضادة، بما في ذلك الأجسام المضادة الذاتية التي تهاجم جزيئات الجسم وتساهم في تطور العديد من هذه الأمراض. لذلك، منذ حوالي عشرين عامًا، تم استخدام الأجسام المضادة وحيدة النسيلة كعلاج للقضاء على هذه الخلايا الليمفاوية، لكن النتائج كانت متفاوتة وتتطلب تكرار العلاج، مما يعرض المرضى لخطر العدوى بسبب تدمير الخلايا الليمفاوية المفيدة التي تحارب الميكروبات.

في غضون ذلك، ظهرت فكرة جديدة لعلاج السرطان من خلال العلاج المناعي الذي يعتمد على تحفيز الخلايا الليمفاوية التائية (T lymphocytes) للمريض لتدمير الخلايا السرطانية. يتم تعديل هذه الخلايا وراثيًا لتتعرف على هدف محدد على سطح الخلايا السرطانية، وهو ما يُعرف بعلاج "CAR-T"، والذي حقق نجاحًا في علاج سرطانات الخلايا الليمفاوية البائية.

منذ حوالي أربع سنوات، طبق أطباء ألمان هذه التقنية للقضاء على الخلايا الليمفاوية البائية في سياق أمراض المناعة الذاتية. وعلى الرغم من أن العلاج لا يميز بين الخلايا البائية الضارة والنافعة، إلا أن النتائج الأولية كانت واعدة للغاية، حيث جمعت بين الفعالية والأمان. أدت هذه الطريقة إلى تحقيق هدوء تام للمرض في حالات خطيرة من الذئبة، والتهاب الجلد والعضلات، وتصلب الجلد، والوهن العضلي الشديد لدى عشرات المرضى، مع متابعة تجاوزت ثلاث سنوات للحالات الأولى.

المفاجأة السارة هي أن معظم هؤلاء المرضى لم يعودوا بحاجة إلى الأدوية المثبطة للمناعة، وهي نتيجة لم يتم تحقيقها من قبل. كما كان العلاج جيد التحمل بشكل عام، أفضل من استخدامه في حالات السرطان، ولم يتسبب في نقص دائم في إنتاج الأجسام المضادة "الجيدة". يُعتقد أن فعالية هذا العلاج ترجع إلى قدرة خلايا CAR-T على استهداف عدد أكبر من الخلايا الليمفاوية البائية واختراق الأنسجة بشكل أفضل من الأجسام المضادة.

رغم هذه النتائج المبشرة، لا يزال الأمر يتطلب تأكيدًا من خلال دراسات سريرية أوسع ومراقبة الآثار طويلة الأمد. كما أن الإجراء معقد ومكلف، حيث يتضمن سحب الخلايا الليمفاوية وتعديلها وراثيًا ثم إعادة حقنها. ويعمل الباحثون حاليًا على تطوير استراتيجيات لتبسيط هذه العملية، مثل استخدام خلايا من متبرعين أو تعديل الخلايا داخل الجسم مباشرة. ومع ذلك، نحن أمام تقدم طبي حقيقي ومحتمل قد يغير بشكل جذري طرق علاج الحالات الشديدة من أمراض المناعة الذاتية.

نبذة عن المؤلف

فيكتور - محلل سياسي ذو خبرة طويلة في وسائل الإعلام الأمريكية. تساعد مقالاته التحليلية القراء على فهم تعقيدات النظام السياسي الأمريكي.