
في كلمات قليلة
يحلل الاقتصادي الأمريكي المرموق ماريو جيه. ريزو التحول في المشهد السياسي الأمريكي، مشيراً إلى أن كلا الحزبين الرئيسيين قد تخلوا عن مبادئ الليبرالية الاقتصادية. ويرى ريزو أن دونالد ترامب "صادق بشكل منحرف" لأنه، على عكس العديد من السياسيين، ينفذ أجندته المناهضة لليبرالية بصرامة.
في تحليل مثير للجدل، وصف ماريو جيه. ريزو، أستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك المرموقة، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنه "رجل صادق بشكل منحرف"، معتبراً أن المشهد السياسي في الولايات المتحدة لم يعد يحتضن الليبراليين الحقيقيين الذين أصبحوا "فصيلة على وشك الانقراض".
وأوضح ريزو، المعروف بنقده لـ"الأبوية الناعمة" أو تدخل الدولة في قرارات الأفراد، أنه عارض البرنامجين الاقتصاديين لدونالد ترامب وهيلاري كلينتون في عام 2016، حيث تبنى الأول قومية اقتصادية قائمة على قيود هجرة مشددة ورسوم جمركية، بينما دافعت الثانية عن سياسات تقدمية توسع من الإنفاق العام وتدخل الدولة. ويرى ريزو أن كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، استمرا في هذا النهج المعادي لمبادئ الليبرالية الاقتصادية.
وأضاف قائلاً: "الليبراليون الحقيقيون أصبحوا نادرين جداً على الساحة السياسية الأمريكية. أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الذين كانوا يميلون إلى الليبرالية فضلوا الانسحاب، لشعورهم بأن الحزب الجمهوري تحول إلى قومية تدخلية لا تمثلهم، وفي الوقت ذاته لم يجدوا مكاناً لهم في الحزب الديمقراطي".
وحول الدعم الذي يلقاه ترامب من بعض الليبرتاريين، يعتقد ريزو أن السبب هو كراهيتهم الشديدة للتيار التقدمي، مما يجعل أي خصم لهذا التيار حليفاً لهم. ووفقاً له، استغل ترامب هذا العداء، لكن المفاجأة كانت لأولئك الذين ظنوا أنه لن يفي بوعوده الانتخابية. يقول ريزو: "دونالد ترامب، بطريقة منحرفة جداً، رجل صادق: إنه يفعل بالضبط ما قال إنه سيفعله. أولئك الذين راهنوا على أنه مجرد انتهازي كغيره أصيبوا بخيبة أمل، لأنه يفعل كل شيء لتطبيق برنامجه حرفياً".
كما انتقد ريزو إيلون ماسك، الذي يعتبره البعض رمزاً للحركة الليبرتارية، قائلاً إنه ليس كذلك على الإطلاق. وأضاف: "لقد دعم ماسك دونالد ترامب، وبدلاً من أن يؤثر عليه لتبني مواقف أكثر ليبرالية، حدث العكس. لقد جعل ترامب من ماسك أداة نافعة لسياساته الحمائية".
وفيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي، حذر ريزو من أن البلاد ليست "جنة ليبرالية" كما يتصورها البعض، بل اقتصادها منظم بشدة. وأعرب عن قلقه من أن الدين العام الهائل قد يؤدي إلى تضخم كبير في غضون عشر إلى خمس عشرة سنة. ويرى أن الحلول تكمن في زيادة الإنتاجية، وهو ما يتطلب سياسات اقتصادية واضحة غائبة حالياً.
وختم ريزو تحليله بأن تحول الحزب الجمهوري عن إرث ريغان الليبرالي إلى تبني الحمائية جاء كخطوة استراتيجية لكسب الناخبين من الطبقة العاملة، وهو ما نجح فيه ترامب، ليغير بذلك وجه اليمين الأمريكي بشكل جذري.