«ساخن جداً» و«بارد جداً»: تكييف المكاتب.. أزمة دبلوماسية يومية لا تنتهي

«ساخن جداً» و«بارد جداً»: تكييف المكاتب.. أزمة دبلوماسية يومية لا تنتهي

في كلمات قليلة

يُعد ضبط تكييف الهواء في المكاتب قضية خلافية مستمرة تتطلب «دبلوماسية» لحلها. ويرجع تعقيد المشكلة إلى التوزيع غير المتكافئ للهواء واعتماد خوارزميات التبريد على معدل الأيض للرجل، مما يجعل النساء أكثر عرضة للشعور بالبرد.


لطالما كان تكييف المكاتب موضوعاً شائكاً ومثيراً للجدل، سواء في ذروة الصيف أو في برودة الشتاء. ففي خضم موجات الحر الشديدة، يبحث الموظفون بيأس عن «واحة البرودة» المنشودة، والتي غالباً ما يجدونها في مكان العمل، الذي يتحول بفضل نظام التكييف إلى ما يشبه «الثلاجة» بالنسبة للبعض.

إن تنظيم التكييف في بيئة العمل ليس مجرد مسألة رفاهية، بل هو قضية يومية تثير الشغف وتفتقر إلى أي إجماع. فبينما يشتكي زميل من أن الجو ساخن جداً، يرتجف آخر في زاوية مكتبه متذمراً من أن الجو بارد جداً. إن إيجاد أرضية مشتركة أمر معقد، مما يجعل التكييف مسألة تتطلب «دبلوماسية» حقيقية.

في بعض الأحيان، قد يتطلب الأمر تدخّل وسيط لحسم هذا الخلاف المكتبي، خاصة وأن نظام التكييف قد يكون «خبيثاً»؛ إذ يتدفق الهواء البارد بقوة أكبر في زاوية معينة من المكتب المفتوح (Open Space)، بينما يكون تدفقه أضعف بكثير على بعد أمتار قليلة. يحاول الفنيون التدخل لمعرفة سبب عدم توزيع هذا الجهاز «الشيطاني» للهواء الساخن والبارد بالتساوي في جميع أنحاء المكان.

على الرغم من أن ضبط درجة الحرارة يُفترض أن يكون آلياً و«ذكياً»، إلا أن الحقيقة هي أن بعض الزملاء يقومون بتعديله يدوياً عند وصولهم صباحاً، بالضغط على زر «+» أو «–» وفقاً لتفضيلاتهم الشخصية، دون الاكتراث لراحة الآخرين.

ويكتسب هذا الموضوع حساسية إضافية بسبب الأساس العلمي لبرمجة التكييف. فالخوارزمية التي تحدد درجة الحرارة المثالية تستند تاريخياً إلى الاحتياجات الأيضية لرجل يبلغ وزنه حوالي 70 كيلوغراماً. وهذا هو السبب وراء شعور النساء بالبرد أكثر من الرجال في كثير من الأحيان. وقد كشفت دراسة أجراها باحثان هولنديان عن هذه الحقيقة في أواخر الستينيات، وهي نقطة لا تزال تثير الجدل حتى اليوم.

في ظل هذا الصراع المستمر، كيف يمكن الاتفاق على درجة حرارة ترضي الجميع؟ ربما يكون الحل الوحيد هو إيقاف تشغيل التكييف بالكامل. ولكن حتى هذا الحل الجذري، من غير المرجح أن يحظى بتأييد واسع بين موظفي المكاتب.

نبذة عن المؤلف

ناتاليا - صحفية اجتماعية، تغطي قضايا الهجرة والتكيف في فرنسا. تساعد تقاريرها السكان الجدد في فهم البلاد وقوانينها بشكل أفضل.