شارلوت كازيراغي: الحقيقة لا تكفي.. يجب تقديمها بـ«لباقة» لتكون قابلة للاستيعاب

شارلوت كازيراغي: الحقيقة لا تكفي.. يجب تقديمها بـ«لباقة» لتكون قابلة للاستيعاب

في كلمات قليلة

ترى كازيراغي أن الحقيقة يجب أن تكون قابلة للاستيعاب والتحمل، وأن اللباقة هي مفتاح فهم هشاشة الإنسان دون تحويلها إلى ضعف، مشيرة إلى دور الفلسفة في تعليم هذه الأخلاق.


في حوار فلسفي عميق، أكدت شارلوت كازيراغي، المؤسسة المشاركة ورئيسة "اللقاءات الفلسفية في موناكو"، على أهمية "اللباقة" و"الرقة" التي يجب أن تصاحب قول الحقيقة. تأتي تصريحاتها قبيل انطلاق "أسبوع فيلوموناكو" الفلسفي الذي تنظمه الجمعية من 10 إلى 15 يونيو.

ترى كازيراغي، وهي من العائلة الأميرية في موناكو، أنه بينما يجب التمسك بالحقيقة والبحث عنها وضمانها لأنها تحمي من الضلال والضياع، فإنه لا ينبغي تحويلها إلى صنم يفرض صوته القوي ليُسكت كل الآراء الأخرى. فالحقيقة تستحق الاحترام، ولكن يجب عليها هي نفسها أن تراعي الآخرين عند النطق بها.

وتوضح: «لا يكفي مجرد قول الحقيقة؛ بل يجب أن نجعلها قابلة للاستيعاب والتحمل. لا يجب أن تُلقى دائماً دون الاهتمام بقدرة الآخر على استقبالها بنزاهة. أحياناً، قد يكون الإصرار على "قول الحقائق الأربع" بمثابة فعل سادي، حيث يتم تجميد الأمور بطريقة تجعل المتلقي يشعر بالعنف، ويُختزل إلى مجرد ضعف أو سلبية».

العمل بالكياسة والاعتبار الأخلاقي

تعتبر كازيراغي أن اللباقة (أو الرقة) هي الاهتمام بعدم تحويل الهشاشة الإنسانية إلى ضعف، بل فهمها بكل تعقيداتها وتجنب التبسيط والتسطيح. إن مراعاة الآخرين والتصرف بكياسة ليس مجرد مجاملة لحساسية مفرطة، بل هو أخذ في الحسبان التاريخ والسياق والظروف، والآلاف من الفروق الدقيقة التي تحيط بالحق في قول الحقيقة وواجب الاستماع إليها.

وتشدد على أن الحياة الإنسانية هي نسيج معقد ومتطور باستمرار. يعتقد البعض أن الحقيقة تبرر كل شيء، وأنه يكفي أن تكون على صواب لتقول كلمتك وتضرب بقبضتك على الطاولة. لكن تلقي الحقائق طوال اليوم دون أي لباقة يمكن أن يؤدي ليس فقط إلى الجرح، بل إلى التدمير الذاتي.

إن إظهار الحقيقة بفظاظة ودون تحفظ أو اعتبار للآخر يمكن أن يتحول إلى عنف لا يبرره حتى مطلب الحقيقة ذاته. هناك كائنات ومواقف وأشياء لا يمكن التعامل معها إلا إذا كانت رقيقة وتم الاقتراب منها بلطف.

وتختتم كازيراغي بالإشارة إلى أن الفلسفة قد تكون جزءاً من هذا التعلم للرقة والأخلاق التي تحملها في طياتها، من خلال إيلاء اهتمام خاص للكلمات وفروقها الدقيقة، ومحاولة فهم تعقيد وهشاشة الإنسان، دون اللجوء إلى القوة أو استخدام الحقيقة كسلاح. ومع ذلك، تعترف بأن ما ينتهك الحساسية دون اعتبار قد يكون ضرورياً أحياناً لتحقيق توافق فوري مع الواقع، وأن هناك فضائل في مواجهة الحقائق التي لا نرغب في رؤيتها.

*تنظم "اللقاءات الفلسفية في موناكو" أسبوع PhiloMonaco، مجاناً ومفتوحاً للجميع، في الفترة من 10 إلى 15 يونيو.

نبذة عن المؤلف

فيكتور - محلل سياسي ذو خبرة طويلة في وسائل الإعلام الأمريكية. تساعد مقالاته التحليلية القراء على فهم تعقيدات النظام السياسي الأمريكي.