في كلمات قليلة
تقرير يكشف عن التوترات والصراع الخفي بين فرنسا والكاميرون، متناولاً النفوذ الفرنسي المستمر والتدخلات السياسية والاقتصادية في الشؤون الداخلية للدولة الأفريقية.
العلاقة بين فرنسا والكاميرون، التي تبدو رسمياً علاقة شراكة، تخفي في طياتها صراعاً مريراً ومستمراً يوصف بـ "الحرب الخفية". هذا الصراع ليس حرباً تقليدية بالمعنى العسكري الحديث، بل هو نتاج عقود من النفوذ السياسي والاقتصادي والتدخلات العسكرية التي لم تتوقف فعلياً بعد الاستقلال الشكلي للدولة الأفريقية.
تُعد الكاميرون مثالاً صارخاً على استمرار ظاهرة "الاستعمار الجديد" الفرنسي في إفريقيا. فبالرغم من رفع العلم الوطني، بقيت فرنسا تسيطر على قطاعات حيوية في الاقتصاد الكاميروني، بما في ذلك الموارد الطبيعية والبنية التحتية، وغالباً ما يتم ذلك عبر شبكة معقدة من الشركات الفرنسية الكبرى.
إن "الحرب الخفية" تشير بشكل خاص إلى القمع الوحشي الذي مارسته القوات الفرنسية ضد حركات التحرر الوطني، وعلى رأسها "اتحاد شعوب الكاميرون" (UPC) في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. تشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من الكاميرونيين قُتلوا في عمليات عسكرية واسعة النطاق، وهي حقائق تاريخية ظلت طي الكتمان لعقود طويلة في فرنسا نفسها.
في الوقت الحاضر، يتجلى هذا الصراع في التوترات السياسية المستمرة والاحتجاجات المتزايدة ضد الوجود الفرنسي. يرى العديد من الكاميرونيين أن باريس تستخدم نفوذها لدعم الأنظمة الحاكمة التي تخدم مصالحها، مما يعيق التنمية الديمقراطية الحقيقية. وقد أدى هذا الإرث الثقيل إلى تصاعد المشاعر المناهضة لفرنسا، مما يضع مستقبل العلاقات الثنائية على المحك.
إن الاعتراف بهذه "الحرب الخفية" والمسؤولية التاريخية عنها يمثل خطوة ضرورية نحو بناء علاقات أكثر عدالة وشفافية بين البلدين.