قدم عالم الاجتماع الفرنسي البارز، جان فرانسوا بايار، تحليلاً متعمقًا للتحركات السياسية لجيل الشباب، المعروف باسم الجيل Z. في حوار، أوضح بايار أن موجة الاحتجاجات الشبابية الأخيرة تمثل رد فعل على ما أسماه "الثورة المحافظة" العالمية.

هذه "الثورة المحافظة" تتميز بتصاعد الاستبداد والنهب الاقتصادي، وهي ظواهر منتشرة في العديد من الدول. ومن الأمثلة التي ذكرها بايار، حكم دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وفلاديمير بوتين في روسيا، ورجب طيب أردوغان في تركيا، وناريندرا مودي في الهند. ويشير بايار إلى أن هذه الظواهر تعبر عن استعادة أو ترسيخ أنظمة استبدادية، تجمع بين تمجيد القيم "التقليدية" والاحتفاء بالتكنولوجيا. ويؤكد أن حتى الديمقراطيات الأوروبية العريقة ليست بمنأى عن هذه الاتجاهات، مستشهدًا بالانقلابات في منطقة الساحل والانتخابات الرئاسية في السنغال كدلائل على ذلك.

«تستند الثورة المحافظة إلى ديناميكيتين رئيسيتين: نزع المصداقية عن الديمقراطية، مما يؤدي غالبًا إلى التشكيك فيها، واستمرار أنظمة النهب الاقتصادي، التي أعيد تشكيلها من خلال الليبرالية الجديدة منذ الثمانينات.»

تؤدي هذه الأنظمة إلى تركيز الثروة في أيدي السلطة، وخصخصة الخدمات العامة، وتحويل الدولة إلى أداة لتراكم الثروة لصالح النخبة. وضد هذا النظام القائم، وما ينتج عنه من عدم مساواة وظلم اجتماعي، ينتفض اليوم "الجيل Z". هؤلاء الشباب، الذين غالبًا ما يكونون متعلمين جيدًا ومتصلين بالإنترنت، لا يجدون مكانًا لهم في المجتمع ويواجهون بشكل مباشر آثار هذا التحول. يعاني الكثيرون منهم من سوق عمل "مؤقت" يسيطر عليه عدم الاستقرار، ومن إغلاق حدود الدول الغربية. أما بالنسبة لمجتمعات الجنوب العالمي، فإن هذا التقييد للهجرة يؤدي أيضًا إلى انهيار التحويلات المالية، التي تُعد مصدرًا أساسيًا للدخل في ظل تراجع المساعدات الدولية. الإهانات في القنصليات، وموت المهاجرين في الصحراء والبحار، تعيد إحياء المشاعر المعادية للاستعمار والعبودية. ومع ذلك، يرى بايار أن مثُل الجيل Z السياسية غامضة للغاية ويمكن استغلالها بسهولة.