في كلمات قليلة
تسعى حكومة ميلوني في إيطاليا إلى إضعاف النظام القضائي عبر مشروع قانون يفصل بين مسارات القضاة والمدعين العامين، مما يتطلب استفتاء دستورياً ويُعتبر جزءاً من حملة أوسع لتحييد السلطات المضادة.
تشهد إيطاليا مجدداً محاولات مكثفة من قبل السلطة التنفيذية للحد من استقلالية القضاء، وهو ما يثير مخاوف جدية بشأن توازن القوى في البلاد. تعيد هذه التحركات إلى الأذهان ذروة المواجهة بين الحكومة والقضاء التي شهدتها إيطاليا خلال فترة حكم سيلفيو برلسكوني، وتتجدد الآن بقيادة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني.
في أكتوبر 2025، وافق مجلس الشيوخ الإيطالي في قراءته الثانية على مشروع قانون من شأنه أن يضعف السلطة القضائية بشكل كبير، وذلك من خلال فصل جذري بين مسارات القضاة (المسؤولين عن الأحكام) والمدعين العامين (المعنيين بالتحقيق والادعاء). يمثل هذا الإصلاح، الذي يُعد من الأولويات الرئيسية للحكومة الائتلافية اليمينية واليمينية المتطرفة، صدى لإحدى "معارك" سيلفيو برلسكوني القديمة، الذي كان ينتقد بشدة "الأردية الحمراء" التي تجرأت على التحقيق في مصادر ثروته.
يهدف هذا المشروع، الذي يزعم أنه يضمن محاكمات أكثر عدلاً، إلى تقسيم السلك القضائي إلى هيئتين مهنيتين منفصلتين: ممثلي النيابة العامة والقضاة. كما يقترح تقسيم المجلس الأعلى للقضاء إلى هيئتين، حيث لن يتم انتخاب أعضائهما من قبل أقرانهم، بل سيتم اختيارهم بالقرعة. ورغم أن هذا المشروع قد يبدو ثانوياً، إلا أنه يحمل دلالة رمزية عميقة، فهو يعكس نية واضحة لتقسيم – وبالتالي السيطرة على – سلطة قضائية معروفة باستقلاليتها، وتحديداً ممثلي النيابة العامة.
بما أن مشروع القانون يهدف إلى تعديل الدستور ولم يحصل على أغلبية الثلثين في البرلمان، فإنه سيتطلب إجراء استفتاء تأكيدي، ومن المتوقع أن يتم في الربيع المقبل ليتم اعتماده بشكل نهائي.
تُعد هذه المحاولة الحكومية لوضع ممثلي النيابة العامة تحت الوصاية بمثابة عودة إلى النظام الهرمي الذي كان سائداً حتى الستينيات، وتندرج ضمن هجوم أوسع يهدف إلى تحييد السلطات المضادة. يشمل هذا الهجوم قوانين تحد من قدرة ديوان المحاسبة على الرقابة، وإجراءات تعرقل عمل الصحفيين الاستقصائيين (مثل التعميم المنهجي لشكاوى التشهير وقوانين "كم الأفواه").