
في كلمات قليلة
إثر إدانة مارين لوبان، كثّف حزب التجمع الوطني هجماته العنيفة ضد القضاء الفرنسي، متبنياً استراتيجية مواجهة شعبوية تذكر بمواقف والدها، مما يضع الحزب ومستقبله السياسي أمام مخاطر كبيرة ويثير تساؤلات حول استقلالية القضاء في فرنسا.
بعد إدانة مارين لوبان، يُصعّد حزب التجمع الوطني (RN) الفرنسي من ردة فعله عبر توزيع المناشير وإطلاق عريضة وتنظيم تجمع يوم الأحد في باريس. تتصاعد اتهامات بوجود «مؤامرة» و«اضطهاد» و«ضربة من الماسونيين» أو «النظام الذي يريد فرض الحقيقة الرسمية». بل وصل الأمر لوصف المعارضين بأنهم «جبناء وخسيسون، ليس لديهم سوى هاجس واحد: قطع الطريق أمام الجبهة الوطنية بكل الوسائل». هذه الكلمات تعود إلى 27 عاماً مضت، في 21 فبراير 1998، عندما أطلقها جان ماري لوبان ضد القضاة الذين أرادوا حرمانه من الأهلية الانتخابية لاعتدائه على نائبة اشتراكية.
ماذا ستقول ابنته مارين لوبان يوم الأحد في تجمعها الباريسي؟ لقد حصلنا على لمحة يوم الثلاثاء عندما اتهمت «النظام» باستخدام «القنبلة النووية» لإبعادها عن الانتخابات الرئاسية التي تؤكد فوزها بها. طوال اليوم، كثّف حزب التجمع الوطني هجماته العنيفة المتزايدة ضد القضاء الفرنسي والسلطة. وفي الجمعية الوطنية، تخلى نواب الحزب عن استراتيجية ربطة العنق لتحويل قاعة الجلسات إلى مسرح للتعبير الصاخب ضد «خيانة دولة القانون».
إعلان الحرب على القضاء
لماذا هذا الخيار؟ لأن مارين لوبان قررت إعلان الحرب على القضاء. انتهت استراتيجية «إزالة الشيطنة» الشهيرة والسعي نحو الاحترام، فمدفوعة بالغضب، تعود إلى لهجة والدها الشعبوية. إنها انتكاسة. ردود الفعل هي نفسها: أولاً، إعادة توحيد الصفوف حول الزعيم المهدد. تم استدعاء جوردان بارديلا الطموح، الذي لم يظهر كثيراً في المحاكمة، للوقوف في الصف الأول، كما فعل برونو ميغري سابقاً. الشعارات متطابقة. في عام 1998، كان الشعار: «مع لوبان، لندافع عن الحريات! الفاسدون إلى السجن، العدالة للجبهة!». يوم الأحد، سيكون الشعار: «لننقذ الديمقراطية، لندافع عن مارين!». لم تتغير دوافع نظرية المؤامرة – فالقضاة بالضرورة «مُسيّسون» والإعلام بالضرورة «تحت الطلب» - والعنف اللفظي ينطلق مجدداً ضد «طغيان القضاة الحمر» و«قمع النظام».
استراتيجية سياسية محفوفة بالمخاطر
إن مهاجمة قضاة مستقلين ليست خالية من المخاطر لحزب يطمح لحكم البلاد وبالتالي مؤسساتها. إلى أي مدى يمكن استهداف القضاة، خاصة عندما تكون القاضية التي أدانت التجمع الوطني قد وُضعت تحت الحماية بسبب تلقيها تهديدات بالقتل؟ وكيف يتم ذلك بينما يأمل الحزب في الحصول على تساهل منهم في الاستئناف؟
تسعى مارين لوبان للظهور بمظهر الضحية لحشد مؤيديها، مستغلة المناخ المعادي لليبرالية الذي يروج له دونالد ترامب وفيكتور أوربان وجايير بولسونارو، هذه المجموعة من القادة الشعبويين الذين هم في حرب مع القضاة، والذين قدموا لها جميعاً دعمهم.
من الأب إلى الابنة، تظل «اللوبانية» اختباراً لاستقلالية القضاء الفرنسي وصلابة مؤسساتنا الديمقراطية.