أكد البروفيسور أوليفييه بونو، وهو طبيب نفسي متخصص في طب الأطفال والمراهقين، أن المأساة الأخيرة التي وقعت في إحدى المدارس الثانوية في مدينة نانت الفرنسية، والتي أدت إلى وفاة مراهقة وإصابة آخرين، تسلط الضوء على أزمة عميقة في نظام الطب النفسي الفرنسي، بالإضافة إلى الجهل العام بـالاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمراهقين.

يشغل البروفيسور بونو منصب أستاذ الطب النفسي للأطفال والمراهقين في جامعة باريس-ساكلاي، ويعمل في مستشفى بارتيليمي دوران. وفي سياق نشر كتابه الجديد، "دليل الطب النفسي للأطفال لاستخدام الوالدين المرتبكين" (Manuel de pédopsy à l’usage des parents désorientés)، يهدف بونو إلى تزويد البالغين بالأدوات اللازمة لـرعاية الصحة العقلية للشباب بشكل أفضل.

الأعراض الخفية التي يجب الانتباه إليها

يشير البروفيسور بونو إلى أن الاضطرابات النفسية لدى الأطفال غالباً ما تتجلى بطرق تبدو "عادية" أو "مربكة" للوالدين والمربين. ويقول: "الطفل الذي لا يحقق نتائج جيدة في المدرسة، أو الذي يكون مفرط النشاط والقلق، أو على العكس من ذلك، يكون شديد الانعزال والانسحاب، كل هذه علامات تشير إلى أن 'شيئاً ما يحدث' داخله".

ويشدد على أهمية عدم تجاهل هذه السلوكيات اليومية، التي قد تكون مؤشرات على مشكلات أعمق تتطلب تدخلاً متخصصاً. ففي كثير من الأحيان، يتم تفسير هذه الأعراض على أنها مجرد "مرحلة عابرة" أو "سلوك سيئ"، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص والعلاج.

أزمة النظام والوعي المجتمعي

على الرغم من عدم إمكانية الحكم على الحالة الفردية للشاب المتورط في حادثة نانت، يرى البروفيسور بونو أن هذه الحادثة تكشف عن "نقاط ضعف في النظام" بأكمله. إن وقوع مثل هذه المآسي في بيئة مدرسية، وهي مكان يفترض أن يكون آمناً، يؤكد الحاجة الملحة لزيادة الوعي وتوفير موارد كافية لـالطب النفسي للأطفال.

ويحث الخبراء على ضرورة تزويد الآباء والمعلمين بـمفاتيح الرعاية النفسية الأساسية، ليكونوا قادرين على التعرف المبكر على علامات الضيق النفسي وطلب المساعدة المتخصصة قبل تفاقم الأزمة.