الإسعافات الأولية للصحة النفسية: كيف نساعد شخصاً يمر بأزمة عقلية؟

الإسعافات الأولية للصحة النفسية: كيف نساعد شخصاً يمر بأزمة عقلية؟

في كلمات قليلة

تشرح المقالة كيفية تقديم الدعم الأولي في حالات الأزمات النفسية، مقارنة بالإسعافات الأولية الجسدية. تستعرض الخطوات الرئيسية لمساعدة شخص يمر بضيق نفسي، بما في ذلك الاقتراب، الاستماع، الطمأنينة، التشجيع على طلب المساعدة المهنية، وتوفير المعلومات.


هل تعرف كيف تتصرف عندما تلاحظ على شخص ما علامات ضيق نفسي شديد أو أزمة؟ نحن نعرف كيف نقدم الإسعافات الأولية في حالة الإصابات الجسدية أو فقدان الوعي، ولكن ماذا نفعل عندما "يفقد" شخص ما توازنه النفسي؟ يؤكد الخبراء أن التعرف على الإشارات وتقديم الدعم في الوقت المناسب يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً.

يمكن أن تكون العلامات متنوعة جداً: زميل في العمل لم يعد يغادر مكتبه، صديق يردد "أنا متعب" بنبرة غائبة، مراهق لا يتحدث أبداً، أو حتى شخص مشوش تماماً في الشارع. هذه الإشارات، مهما كانت خفية، قد تكون صرخة طلب مساعدة غير معلنة. وعندما نواجه معاناة الآخرين، قد تكون كلماتنا وتصرفاتنا غير ملائمة. ماذا نقول لشخص يعترف بالإدمان، أو الاكتئاب، أو الرغبة في الانتحار؟ كيف نتصرف عندما يبدأ جار في البكاء فجأة في المصعد؟

للإجابة على هذه التساؤلات، تم تطوير برامج تدريبية خاصة، مشابهة لدورات الإسعافات الأولية، ولكنها تركز على الصحة النفسية. يهدف هذا المفهوم إلى تزويد أي شخص بالأدوات اللازمة للاستماع، والتوجيه، والأهم من ذلك، عدم تجاهل الأشخاص في الأزمات، خاصة وأن شخصاً واحداً من كل خمسة يواجه صعوبات نفسية كل عام. يقدم الخبراء في هذا المجال عدة خطوات أساسية يمكن اتخاذها:

1. الاقتراب. هذه هي الخطوة الأولى وغالباً ما تكون الأصعب. الاقتراب من الشخص بلطف، وبدء الحوار إذا شعرت أن هناك شيئاً غير طبيعي. يمكن أن تبدأ بعبارة بسيطة وعادية مثل: "كيف حالك؟ أشعر أنك مختلف"، أو "لدي انطباع أن هناك شيئاً ما يزعجك". تلعب الموقف دوراً كبيراً أيضاً. يجب أن تكون هادئاً، مطمئناً، وتقدم المساعدة دون فرضها. قد يكون مجرد قول "نحن هنا لمساعدتك، وليس لإيذائك" كافياً لتهدئة شخص في أزمة. الأمر لا يتعلق بالكلمات فقط، بل بالوجود الإنساني.

سواء تم فتح الحوار أم لا، يجب أيضاً تقييم مدى خطورة الوضع: هل الشخص مشوش؟ هل يمر بأزمة انتحارية؟ هل هناك خطر مباشر؟ لا يتعلق الأمر بوضع تشخيص طبي، بل بتحديد ما إذا كان يجب التصرف فوراً. إذا قال لك شخص إنه يريد أن يموت، لا تقلل من شأن ذلك، لا تؤجل، بل تصرف. ابق معه، اتصل بخدمات الطوارئ أو بخط المساعدة الخاص بمنع الانتحار، وقل له إنك لن تتركه وحيداً.

في بعض الأحيان، قد تظهر على شخص أعراض الاكتئاب الشديد أو حتى أزمة انتحارية: إرهاق مستمر، انسحاب اجتماعي، عبارات تقلل من القيمة الذاتية أو مشوشة... في مثل هذه الحالات، وخاصة إذا كان شخصاً مقرباً، ينصح الخبراء بطرح السؤال مباشرة: "هل تفكر في الانتحار؟". قد يكون هذا صعباً، لكنه الطريقة الوحيدة لفتح الباب للحديث الصريح. الفكرة الشائعة بأن التحدث عن الانتحار يشجع عليه خاطئة تماماً. العكس هو الصحيح: الغموض والتلميحات والصمت هي التي تكون خطيرة. إذا كانت الكلمة صحيحة، وقيلت بلطف، يمكن أن تسمح لنا بالتصرف بسرعة وإنقاذ حياة.

2. الاستماع. غالباً في هذه المواقف، نعتقد أننا نحسن التصرف بالتعزية أو الطمأنة بسرعة كبيرة، أو الأسوأ من ذلك، بالتقليل من أهمية المشكلة. يجب الاستماع دون الحكم أو البحث عن حلول فورية. الصمت، التنهدات، تعابير الوجه: كل شيء مهم. يجب أن يشعر الشخص بأنه مسموع.

أسوأ شيء يمكن قوله؟ "ولكن ليس لديك سبب لتشعر بالسوء!"، أو "يجب أن تستجمع قواك!". قد تبدو هذه العبارات عادية، لكنها عنيفة. إنها تسبب الشعور بالذنب بدلاً من الدعم. على العكس، من الأفضل أن تقول: "أنا أستمع إليك. ما تمر به يؤثر فيّ / مهم. أنا هنا". نفس الموقف مهم في حالات النوبات الذهانية. لا يجب أبداً مناقضة هلوسات شخص يمر بأزمة. إذا كان شخص يسمع أصواتاً أو يرى أشياء، فهذا حقيقي بالنسبة له. القول له "أنت تختلق ذلك" سيزيد من ضيقه.

3. الطمانينة والدعم. بمجرد فتح الباب للحديث، يأتي وقت التهدئة واستعادة بعض الأمل. نذكر بأن هذا الشعور بالضيق ليس قدراً لا مفر منه. نؤكد على فكرة التعافي: مع الدعم والمساعدة، يمكن للشخص أن يتحسن. هناك مساعدات، علاجات، ومرافقة متاحة. حتى لو لم تكن تعرف كل التفاصيل، فإن بعض الكلمات يمكن أن تحدث فرقاً: "أنت لست وحدك"، "ما تشعر به مشروع وهناك حلول". أو: "أرى أنك خائف، أريد مساعدتك، سنتصل بشخص ما". الفكرة، وفقاً للخبراء، هي عدم ترك الشخص يعتقد أن "هذا هو الوضع" أو أنه لا يوجد شيء يمكن فعله.

4. التشجيع على طلب المساعدة المهنية. دور مقدم الإسعافات الأولية النفسية محدود: إنه لا يحل محل أخصائي الصحة النفسية، وبالتالي يجب عليه توجيه الشخص المحتاج إلى الرعاية دون إكراه، بناءً على ما هو مستعد لسماعه. علماء النفس، الأطباء النفسيون، خطوط المساعدة، المراكز الطبية النفسية... هناك العديد من الخيارات. يمكن اقتراح البدء بزيارة الطبيب العام, حيث أن كلمة "طبيب نفسي" قد لا تزال تثير الخوف.

وماذا لو رفض الشخص؟ لا بأس. أنت تزرع بذرة. ربما سيعود إلى الفكرة لاحقاً. المهم هو أن يعرف أنك موجود، وبعد ذلك تحاول الاطمئنان عليه بانتظام.

5. توفير المعلومات. يمكنك أيضاً تسهيل الأمر على الشخص وتقديم جميع المعلومات اللازمة ليحصل على أفضل متابعة ممكنة لحالته. هناك مصادر معلومات ومواد توجيهية موثوقة علمياً لمساعدة الأشخاص الذين يدعمون من يعانون من صعوبات نفسية، مثل الجمعيات المتخصصة التي تنظم مجموعات دعم للخروج من العزلة.

وإذا كان عليك تذكر شيء واحد فقط كشخص يقدم الإسعافات الأولية في الصحة النفسية؟ "نحن لسنا أخصائيين نفسيين ولا أبطال خارقين، نحن فقط بشر نعرف كيف نقدم يد العون". أحياناً، أذن صاغية، جملة لطيفة، أو رقم هاتف يتم طلبه في اللحظة المناسبة، هذا يكفي لكي يبدأ الشخص الآخر في الوقوف على قدميه بشكل أفضل.

نبذة عن المؤلف

ماريا - صحفية في قسم الثقافة، تغطي الأحداث في عالم الفن والترفيه في فرنسا. تجد مقالاتها عن هوليوود، برودواي، والمشهد الموسيقي الأمريكي صدى لدى القراء.