
في كلمات قليلة
يعاني نظام الصحة المدرسية في فرنسا من نقص حاد في الكادر الطبي والنفسي، مما يجعله غير قادر على تلبية احتياجات 12 مليون طالب في مجال الصحة النفسية. الخبراء والنقابات يحذرون من تفاقم الأزمة وينتقدون الاستجابة الحكومية كغير كافية.
في أعقاب الأحداث المأساوية الأخيرة المرتبطة بالعنف في المدارس، أعلنت الحكومة الفرنسية عن إجراءات تهدف إلى تحسين دعم الصحة النفسية للطلاب. ومع ذلك، يشكو المهنيون في قطاعي التعليم والصحة منذ سنوات من نقص الإمكانيات والكوادر، مما يجعل النظام الصحي المدرسي غير قادر على معالجة مشاكل الشباب بفعالية.
تثير حالة الصحة النفسية للطلاب قلقاً بالغاً. تظهر الدراسات تدهوراً ملحوظاً في حالة المراهقين منذ عام 2018، وتفاقم الوضع بسبب جائحة كوفيد-19. بحلول عام 2022، كان حوالي 14% من طلاب المدارس المتوسطة و15% من طلاب المدارس الثانوية معرضين لخطر كبير للإصابة بالاكتئاب. وفقاً للخبراء، هناك زيادة بطيئة ومستمرة في مظاهر المعاناة النفسية على مدى العشرين عاماً الماضية.
رغم إعلان الحكومة أن الصحة النفسية "قضية وطنية كبرى"، فإن الإجراءات المعلنة بشأن الصحة المدرسية قوبلت بالانتقاد. تؤكد نقابات الممرضين والنفسانيين والأخصائيين الاجتماعيين في قطاع التعليم أن التدابير المقترحة لا تدعمها موارد مالية كافية.
الوضع المتعلق بالكوادر في الصحة المدرسية حرج للغاية. يوجد في فرنسا ما يزيد قليلاً عن 800 طبيب مدرسي لـ 12 مليون طالب، وهو انخفاض بنسبة تزيد عن 28% خلال أقل من عشر سنوات. هذا النقص يجعل من المستحيل القيام حتى بالفحوصات الطبية الإلزامية: على سبيل المثال، أقل من طفل واحد من كل خمسة طلاب في الصف السادس يستفيد من الفحص الدوري المطلوب.
الوضع ليس أفضل بالنسبة للممرضات المدرسيات. وفقاً لتقديرات النقابات، يبلغ عددهن حوالي 7800، بينما الحاجة تقدر بـ 23000. تشير الممرضات إلى زيادة في عدد المراهقين الذين يطلبون المساعدة لمشاكل مثل إيذاء النفس، اضطرابات الأكل، والأفكار الانتحارية.
النفسانيون المدرسيون أيضاً يعانون من ضغط العمل. في المتوسط، يوجد نفساني واحد لكل حوالي 1000-1500 طالب، في حين أن النسبة المثلى للعمل الفعال هي حوالي 1 لكل 600 طالب. هذا يؤدي إلى قوائم انتظار للحصول على المساعدة، خاصة للطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم، مشاكل في الصحة النفسية، أو الذين يتعرضون للتنمر.
الأهداف التي أعلنتها الحكومة، مثل تدريب الكوادر على الكشف المبكر عن المشاكل وتدريب العاملين، تعتبر غير كافية بدون استثمارات كبيرة لزيادة عدد الموظفين وتحسين الأجور. يشير الخبراء إلى أن خفض أكثر من 100 ألف وظيفة في قطاع التعليم قبل حوالي خمسة عشر عاماً يؤدي الآن إلى مشاكل خطيرة، بما في ذلك انهيار الصحة المدرسية والخدمات النفسية.
توجد مشاكل في الوصول إلى رعاية الطب النفسي للأطفال والمراهقين أيضاً خارج إطار المدرسة. في بعض المناطق، لا يوجد أخصائيون نفسيون للأطفال في القطاع الخاص على الإطلاق. على الرغم من وجود خطط لتطوير "الطب النفسي المحلي" وزيادة عدد النفسانيين المتعاقدين مع البرامج الحكومية، يرى النقاد أن هذه الإجراءات ليست كافية لإحداث تغيير جوهري في وضع الصحة النفسية للجيل الصاعد.