هاجس السلامة المفرطة: هل يشل المجتمعات الحديثة ويحد من المخاطرة الضرورية؟

هاجس السلامة المفرطة: هل يشل المجتمعات الحديثة ويحد من المخاطرة الضرورية؟

في كلمات قليلة

تركز المجتمعات الغربية الحديثة بشكل مفرط على تحقيق السلامة الكاملة، مما يؤدي إلى نشوء ما يعرف بـ"ثقافة السلامة المطلقة" التي يرى البعض أنها مقيدة ومشلة. يوضح هذا التوجه أن الحذر المفرط قد يتحول إلى عقبة، بينما يعتبر قدر معقول من المخاطرة ضرورياً للحياة.


في المجتمعات الغربية الحديثة، وخاصة في أوروبا، لوحظ ميل متزايد نحو تجنب أي شكل من أشكال المخاطرة. هذا التوجه حوّل مفهوم الحذر العادي إلى ما يمكن وصفه بـ"ثقافة السلامة المطلقة"، والتي يرى البعض أنها تعيق وتقيد الأفراد.

يتذكر الكثيرون شعار "ابقوا في منازلكم" الذي تردد صداه بقوة، على سبيل المثال، قبل خمس سنوات خلال أزمة الوباء. اعتبرت تلك الفترة ذروة ما أسماه البعض "جنون النظافة المفرط"، حيث وصلت الأمور إلى مواقف قد تبدو غريبة، مثل التوصية بلاعبي الرغبي بالغناء مع الحفاظ على مسافة آمنة، أو تتبع المتنزهين بالطائرات العمودية في المسارات الجبلية لعدم حملهم تصاريح. لحسن الحظ، تجاوزنا تلك الظواهر القصوى.

لكن عقلية الحذر المفرط لا تزال منتشرة في المجتمعات الغربية. تتجلى هذه العقلية في الشعارات التبسيطية والتعليمات التي تشبه توجيهات الوالدين، والتي تحاول توجيه كل خطوة يقوم بها الفرد. من الأمثلة على هذه الرسائل التي نراها يومياً:

  • "لصحتك، تجنب تناول الأطعمة الغنية جداً بالدهون، السكر، والملح"
  • "الإفراط في شرب الكحول مضر بالصحة"
  • "اغسل يديك بانتظام"
  • "الإنفلونزا ليست شيئاً بسيطاً. لذلك أنا آخذ اللقاح"
  • "استخدم الدرج"
  • "لنكن يقظين معاً"
  • "الإبلاغ هو حماية"

هذه الدعوات وغيرها، التي تهدف إلى تحقيق أقصى درجات السلامة، تساهم في خلق بيئة يتم فيها التعامل مع المخاطرة بشكل سلبي بحت. في المقابل، فإن قدراً معقولاً من المخاطرة يعتبر ضرورياً للنمو والنشاط الحيوي في الحياة.

نبذة عن المؤلف

باول - محلل دولي، يحلل السياسة الخارجية لفرنسا والعلاقات الدولية. تساعد تعليقاته الخبراء في فهم موقف فرنسا على الساحة العالمية.