
في كلمات قليلة
انتشرت ادعاءات بأن منظمة الصحة العالمية صنّفت حبوب منع الحمل كمسارطنة مثل الكحول والتبغ. الحقيقة هي أن وكالة تابعة للمنظمة (IARC) صنّفت أنواعاً معينة قبل 20 عاماً كـ "مسرطنة للإنسان" بناءً على الأدلة، لا على تساوي مستوى الخطر. الخبراء يؤكدون أن فوائد حبوب منع الحمل المركبة تفوق المخاطر الطفيفة لدى غالبية النساء.
انتشرت مؤخراً على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي ادعاءات تفيد بأن منظمة الصحة العالمية (WHO) صنّفت حبوب منع الحمل ضمن المواد المسببة للسرطان، ووضعتها في نفس الفئة مع الكحول والتبغ والأسبستوس. يثير هذا الادعاء قلق المستخدمين، الذين يحذرون متابعيهم بناءً على هذا "الإعلان الرسمي المزعوم".
للتحقق من صحة هذه المعلومة، يجب العودة إلى الحقائق العلمية. الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC)، وهي إحدى وكالات منظمة الصحة العالمية، قامت بالفعل بتصنيف أنواع معينة من حبوب منع الحمل قبل أكثر من 20 عاماً ضمن المجموعة الأولى، وهي المواد "المسرطنة للإنسان" كما هو موثق في تقاريرها.
من الضروري فهم معنى هذا التصنيف. المجموعة الأولى تعني أن هناك أدلة كافية على أن المادة تسبب السرطان لدى البشر. صحيح أن هذه المجموعة تضم أيضاً مواد مثل الكحول والتبغ والأسبستوس، لكن وجودها في نفس الفئة يشير فقط إلى وجود أدلة قوية على العلاقة بالسرطان، ولا يعني أبداً أنها تسبب السرطان بنفس الدرجة من الخطورة أو تزيد من المخاطر بنفس المستوى تماماً.
التصنيف لا يشمل جميع أنواع حبوب منع الحمل، بل يقتصر على الحبوب المركبة التي تحتوي على هرموني الإستروجين والبروجستيرون معاً. الحبوب التي تحتوي على البروجستيرون فقط بجرعات صغيرة (حبوب منع الحمل المصغرة) لا تندرج تحت هذا التصنيف.
تشير الدراسات إلى أن حبوب منع الحمل المركبة قد تزيد بشكل طفيف من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي (بنسبة 20-30%) وسرطان عنق الرحم. لكن الخبراء يوضحون أن هذه الزيادة هي في "الخطر النسبي"، وتظل "صغيرة جداً من حيث الخطر المطلق". على سبيل المثال، إذا كان الخطر العام للإصابة بسرطان الثدي حوالي 11%، فإن تناول الحبوب قد يرفعه إلى حوالي 14%. علاوة على ذلك، هناك عوامل خطر أكبر بكثير للإصابة بسرطان الثدي، مثل تناول الكحول، السمنة، قلة الحركة، العلاج الهرموني البديل لفترة طويلة بعد انقطاع الطمث، تأخر الحمل، ونقص الرضاعة الطبيعية.
من ناحية أخرى، لحبوب منع الحمل تأثير وقائي ضد أنواع أخرى من السرطان. فقد أظهرت دراسات متعددة أنها تقلل من خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم وسرطان المبيض بنسبة تتراوح بين 30% و50%، وسرطان القولون والمستقيم بنسبة 20%.
بالإضافة إلى منع الحمل، تقدم الحبوب فوائد صحية أخرى مثل تخفيف آلام بطانة الرحم المهاجرة، تقليل غزارة الدورة الشهرية (مما يقلل خطر فقر الدم)، المساعدة في علاج حب الشباب، وتقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض المناعية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي. وقد ساهمت وسائل منع الحمل، بما في ذلك الحبوب، في إنقاذ مئات الآلاف من الأرواح عن طريق تجنب وفيات الأمهات وتحسين فرص بقاء الأطفال على قيد الحياة.
تستعرض الهيئات الطبية المتخصصة في أمراض النساء والتوليد الدراسات المتعلقة بفوائد ومخاطر حبوب منع الحمل. وتخلص إلى أن حبوب منع الحمل هي دواء، وكأي دواء، لها فوائد (عديدة جداً) ومخاطر (نادرة جداً). لكن الموازنة بين الفوائد والمخاطر تظل إيجابية جداً بالنسبة للغالبية العظمى من السيدات. المخاطر منخفضة جداً لدى المريضات اللواتي ليس لديهن عوامل خطر لمضاعفات. ويقع على عاتق الطبيب المعالج مسؤولية تقليل هذه المخاطر عن طريق اختيار النوع المناسب وتقديم المشورة اللازمة. التحمل الفردي للأدوية يختلف من شخص لآخر، وهذا ينطبق على جميع الأدوية دون استثناء.