
في كلمات قليلة
في عالمنا الحديث الآمن، لا يزال الناس يخشون الثعابين والعناكب والظلام. هذه المخاوف البدائية لها جذور تاريخية عميقة تتعلق بمخاطر حقيقية في الماضي وقد ترسخت في اللاوعي أو على المستوى الجيني.
على الرغم من تقدم الحياة الحديثة ومستويات الأمان العالية التي نتمتع بها، لا يزال العديد منا يشعر بالخوف غير المنطقي تجاه بعض الظواهر والكائنات التي قد لا تشكل تهديدًا مباشرًا في حياتنا اليومية. نتحدث هنا عن ما يُعرف بـ "المخاوف البدائية"، مثل الخوف من الثعابين، العناكب، الظلام، أو حتى الحشرات العادية.
يشير علماء النفس والأنثروبولوجيا إلى أن هذه المخاوف متجذرة بعمق في العقل الباطن البشري. على سبيل المثال، الخوف من الحشرات، الذي قد يشمل حتى الفراشات والخنافس غير المؤذية، له جذور تاريخية منطقية. قبل قرون مضت، كانت الحشرات ناقلات رئيسية للأمراض والطفيليات الخطيرة، ولم يكن لدى البشر آنذاك وسائل فعالة للحماية مثل اللقاحات أو المضادات الحيوية. في ذلك الوقت، كان الخوف منها آلية حيوية للبقاء على قيد الحياة.
على الرغم من أن خطر الإصابة بالأمراض من معظم الحشرات في البلدان المتقدمة اليوم أصبح ضئيلًا، إلا أن هذه الآلية الاستجابية القديمة لا تزال قائمة. يقترح الخبراء أن مثل هذه الرهابات ربما تكون قد ترسخت على المستوى الجيني أو انتقلت عبر الثقافة كجزء من التكيف التطوري. وهكذا، حتى في مجتمعاتنا "شديدة الأمان"، حيث نادرًا ما نواجه خطرًا حقيقيًا من الطبيعة البرية، يستمر الدماغ في الاستجابة لإشارات الإنذار القديمة، مذكّرًا إيانا بالأوقات التي كان فيها العنكبوت في الزاوية أو الحفيف في الظلام يمكن أن يكون مميتًا حقًا.