
في كلمات قليلة
منتجات "عالية البروتين" تملأ رفوف المتاجر، لكن خبراء التغذية يشككون في ضرورتها للغالبية. غالباً ما يكون الأمر مجرد تسويق، ويمكن الحصول على البروتين الكافي وبأسعار أقل من الأطعمة العادية والمتوازنة.
انتشرت في الآونة الأخيرة منتجات تحمل علامة "عالية البروتين" في رفوف المتاجر الكبرى، مثل الزبادي والكريمات وحتى النقانق، وتسوق على أنها مفيدة جداً للصحة واللياقة البدنية. لكن هل تستحق هذه المنتجات كل هذا الاهتمام، وهل هي ضرورية فعلاً؟
البروتينات هي إحدى المكونات الغذائية الأساسية الرئيسية، إلى جانب الكربوهيدرات والدهون. تتكون من سلاسل من الأحماض الأمينية، تسعة منها ضرورية ولا يستطيع الجسم إنتاجها بكميات كافية، وبالتالي يجب الحصول عليها من الغذاء. تلعب البروتينات أدواراً متعددة وحيوية في الجسم، فهي تدخل في بناء الأنسجة، وتعمل كإنزيمات وهرمونات، وتسمح بانقباض العضلات، وتنقل المواد، وتدافع عن الجسم ضد الأمراض.
رغم أهمية البروتين، فإن نقصه نادر جداً لدى الأشخاص الأصحاء الذين يتناولون نظاماً غذائياً متنوعاً. يشير خبراء التغذية إلى أن معظم الناس يحصلون على كميات كافية، بل وأحياناً أكثر من اللازم، من البروتين من خلال غذائهم المعتاد. التوصيات الغذائية تشير إلى أن 0.8 إلى 1 جرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يومياً كافية لمعظم البالغين. الاستهلاك المفرط للبروتين، خاصة من مصادر حيوانية، قد يرتبط بمشاكل صحية مثل زيادة الحمل على الكلى، وهشاشة العظام، وزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
بالنسبة للشركات المصنعة، تعتبر المنتجات عالية البروتين سوقاً مربحة للغاية وتشهد نمواً كبيراً. يشير محللون إلى أن هذه المنتجات تجذب المستهلكين والصناعيين على حد سواء، وتشهد توسعاً مستمراً في التشكيلة المعروضة.
لكن من الناحية الصحية، الفائدة قد لا تكون بالقدر الذي يوحي به التسويق. العديد من المنتجات التي تباع على أنها "عالية البروتين" تكتسب هذه الصفة في المقام الأول عن طريق تقليل نسبة الدهون، مما يزيد تلقائياً من نسبة البروتين مقارنة بالوزن الإجمالي للمنتج. في الواقع، قد يكون الفرق في كمية البروتين المطلقة بين هذه المنتجات ونظيراتها العادية طفيفاً جداً. بالإضافة إلى ذلك، قد تحتوي بعض المنتجات "عالية البروتين" على كميات أعلى من السكر أو الإضافات أو المحليات مقارنة بالمنتجات العادية.
هل يمكن الحصول على البروتين اللازم من منتجات أقل تكلفة؟ الإجابة هي نعم! العديد من الأطعمة اليومية غنية بالبروتين ومتوفرة بأسعار معقولة. يوجد البروتين بشكل طبيعي بكميات جيدة في اللحوم، الأسماك، البيض، الحليب ومشتقاته (مثل اللبن والجبن)، والبقوليات (مثل العدس والفول)، والمكسرات والبذور، والحبوب الكاملة. النظام الغذائي المتوازن الذي يشمل هذه الأطعمة يوفر احتياجات الجسم من البروتين بشكل كافٍ.
من الأمثلة البارزة على ذلك الزبادي من نوع سكير (skyr)، الذي يسوق على أنه غني جداً بالبروتين ويباع بسعر مرتفع نسبياً. يحتوي السكير على حوالي 10 جرامات من البروتين لكل 100 جرام، وهي كمية مماثلة لما يحتويه أنواع أخرى من الزبادي العادي أو اللبن الرائب (اللبنة) التي تباع بأسعار أقل بكثير.
يجب التنويه أيضاً إلى أن المكملات الغذائية العلاجية التي يصفها الأطباء للحالات التي تعاني من سوء التغذية أو بعد العمليات الجراحية تختلف تماماً عن المنتجات المتوفرة في السوبر ماركت. هذه المكملات مصممة خصيصاً لتوفير سعرات حرارية وبروتينات عالية لأغراض طبية محددة، ولا يمكن استبدالها بالمنتجات البروتينية العادية التي تباع في المتاجر.
خلاصة القول، بالنسبة لمعظم الناس الذين يتبعون نظام حياة عادي، فإن المنتجات الموسومة بـ "عالية البروتين" في السوبر ماركت قد تكون مجرد ظاهرة تسويقية أكثر منها ضرورة صحية. يمكن تلبية احتياجات الجسم من البروتين بسهولة وبتكلفة أقل من خلال نظام غذائي متوازن يعتمد على الأطعمة الطبيعية المتاحة.