
في كلمات قليلة
يتناول المسلسل الإسباني «كيرير» قصة امرأة تقرر مواجهة سنوات من العنف الزوجي والنضال في المحاكم. يسلط العمل الضوء على التحديات القانونية والاجتماعية المتعلقة بالعنف داخل الأسرة وحقوق المرأة، وقد نال استحسان النقاد والجمهور.
يتناول المسلسل الإسباني الجديد «Querer»، الذي يعني باللغة الإسبانية «أن تحب» أو «أن تريد»، موضوعاً اجتماعياً بالغ الحساسية وهو العنف الزوجي والإساءة داخل العلاقة الزوجية.
العمل المكون من أربع حلقات، يروي قصة ميرين، امرأة تبلغ من العمر 50 عاماً، تقرر الهروب من منزلها بعد ثلاثين عاماً من الزواج وتقديم شكوى ضد زوجها بتهمة العنف الزوجي. المسلسل يستعرض رحلتها المؤلمة والشجاعة نحو استعادة حياتها والبحث عن العدالة. لقد استغرقت ميرين كل هذه السنوات لتدرك أنها كانت تعيش تحت سيطرة رجل متسلط، بدا عليها أنه حسن النية، لكن سلطته لم تكن سوى سلسلة طويلة من الانتهاكات والإساءات.
تشرح آلاودا رويز دي أسوا، مبتكرة ومخرجة المسلسل، أن اختيار صيغة المسلسل التلفزيوني كان ضرورياً لتمثيل مراحل رحلة البطلة التدريجية في التحدث عن معاناتها، والموجة الصادمة التي تنتشر في محيطها، والفترة الطويلة التي تستغرقها المحاكمة. وتضيف أن المجتمع الإسباني كان قد تناول مفهوم الموافقة بالفعل، ولكن ليس في السياق المنزلي. كان من الضروري، في رأيها، معالجة الاغتصاب من زاوية العنف الأسري والزوجي.
المسلسل، الذي حظي بإشادة كبيرة وحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان Series Mania 2025، يتناول بكل صدق وصراحة الصدمة والاضطراب الذي تعيشه ميرين. يعرض العمل السنوات التي تلت قرارها الجريء، من لحظة اتخاذ القرار وحتى اللقاء الرمزي مع ابنها الأكبر. يصور المسلسل أيضاً شكوك الشرطة أثناء الإدلاء بالشهادة، دعم المحامية، رد فعل الأقارب، براعة الزوج السابق في إقناع المحيطين ببراءته، حيرة القضاة خلال المحاكمة، نظرة الآخرين، والصراع المؤلم لدى الأبناء بين الولاء للأم أو الأب، بالإضافة إلى الشعور بالذنب والتدهور الاجتماعي الذي قد تتعرض له الضحية.
ميرين، التي تخوض معركة داخلية وخارجية عنيفة أشبه بعقوبة مضاعفة، تظل مصممة رغم كل شيء. يدفعها سؤال بالغ الأهمية ومثير للانقسام: كيف يمكن إثبات قانونياً أنها كانت ضحية لاغتصاب متكرر داخل زواجها بعد ثلاثين عاماً من الإنكار الصامت؟ وكيف يمكن إسماع معاناتها بعد أن خضعت، بداعي الواجب الزوجي وخوفاً من الانتقام منها أو من أبنائها؟
الموضوع قد يكون مخيفاً، لكنه يعالج هنا بدقة ونقاء نادرين. المسلسل، الذي يخلو من الموسيقى – وهو خيار جريء في الأعمال الدرامية حيث اعتاد المشاهدون على المؤثرات الصوتية – يرسم لوحة للخوف والغضب والحزن وسوء الفهم والألم، ويحافظ على التشويق حتى النهاية. إنه يظهر كيف تتفكك هذه العائلة، وكيف يتغير الأبناء الشباب – أحدهم أصبح بدوره زوجاً وأباً – نتيجة ثورة والدتهم، وأيضاً كيف يتصرف الزوج السابق، الذي يتم تصوير شعوره بالقدرة المطلقة بدقة أكبر كونه لا يقدم كوحش كرتوني بل كشخصية معقدة.
المسلسل يتساءل أيضاً عن النظام القضائي، الذي لا يزال غالباً متردداً في التعامل مع قضايا مماثلة، على الرغم من أن إسبانيا، منذ تبني قانون «Sólo sí es sí» («نعم فقط هي نعم») في أكتوبر 2022، أصبحت واحدة من أكثر الدول الأوروبية تقدماً في هذا المجال. ويذكر المسلسل أن القانون الفرنسي، على سبيل المثال، ما زال لا يأخذ في الاعتبار صراحةً الموافقة في التعريف القانوني للاغتصاب، وينطبق هذا للأسف على العديد من الدول الأخرى. «كيرير» ليس أول مسلسل يتناول هذه القضية، فقد سبقه أعمال أخرى مثل «Five Years»، «Normal People»، «The Handmaid’s Tale» و«I May Destroy You»، لكنه حظي بإشادة الجمهور والنقاد.