في كلمات قليلة
رغم مرور عشر سنوات على هجمات باريس وتراجع قوتها، لا تزال دعاية تنظيم \"الدولة الإسلامية\" مستمرة وتتكيف مع الفضاء الرقمي، مستخدمة استراتيجيات جديدة ضمنية وصريحة. هذا يتطلب تكيفًا مستمرًا في جهود مكافحة الإرهاب الرقمي.
عشر سنوات مرت منذ هجمات باريس في 13 نوفمبر، والتي أعلن تنظيم \"الدولة الإسلامية\" (داعش) مسؤوليته عنها في ذروة قوته الدعائية. ففي ذلك الوقت، كان التنظيم قد استثمر بكثافة في الفضاء الرقمي، محولًا إياه إلى ساحة صراع حاسمة في مكافحة الإرهاب.
وبالرغم من تراجع حدة هذه الدعاية اليوم، إلا أنها لم تتلاشَ تمامًا. ويعود استمرارها إلى قدرة التنظيم على التكيف، بالإضافة إلى تطور المحتوى الجهادي الرقمي في ظل ديناميكية \"البقاء للأقوى\". لم تعد الدعاية تقتصر على الأساليب الصريحة والمباشرة، بل باتت تتضمن أشكالًا أكثر ضمنية وأقل وضوحًا. هذا الواقع يؤكد على الضرورة الملحة لمواصلة التكيف والمرونة من جانب الجهات الفاعلة في مكافحة الدعاية الجهادية.
لطالما كان المجال الإعلامي حيويًا للجماعات التي تشن حروبًا غير متكافئة لتشكيل التصورات والتعويض عن عدم التوازن في القوى الميدانية من خلال السيطرة على المعلومات. إلا أن دعاية تنظيم \"الدولة الإسلامية\" قد غيرت قواعد اللعبة. لقد استثمر التنظيم، الذي كان يسعى لتثبيت مكانته كعلامة تجارية رائدة في \"السوق الأيديولوجي\" للتطرف الجهادي وتوسيع دولته الافتراضية، في الفضاء المعلوماتي بطريقة غير مسبوقة. وقد أسس بنية إعلامية قوية ترتكز على ثلاثة محاور أساسية:
- إنتاج ضخم للمحتوى.
- نشر منظم للغاية.
- خطاب متنوع ومحفز.
وقد بلغ حجم الإنتاج الدعائي للتنظيم مستوى غير مسبوق، حيث أصدر ما يقرب من 700 مادة إعلامية مختلفة في أغسطس 2015 وحده. وشملت هذه المواد مجلات، ومقاطع فيديو، وتقارير مصورة، وبيانات، وتسجيلات صوتية، وأناشيد (أغاني بدون موسيقى). أما عملية النشر، فاعتمدت على شبكة من المؤسسات الإعلامية الوسيطة، التي كانت مسؤولة عن ترجمة ونشر المحتوى الرسمي، وأحيانًا \"إعادة صياغته\"، بالإضافة إلى إنتاج موادها الخاصة.
إن قدرة تنظيم \"الدولة الإسلامية\" على التكيف وتطوير استراتيجياته الدعائية تفرض تحديًا مستمرًا على جهود مكافحة الإرهاب الرقمي، وتبرز أهمية المرونة والابتكار في التصدي لهذه التهديدات.
كما سعى التنظيم إلى تطبيع العنف المفرط من خلال محتواه، وهو ما يعكس استراتيجية ممنهجة لترسيخ أيديولوجيته المتطرفة في الأذهان.