
في كلمات قليلة
برنامج تلفزيوني فرنسي حول العنصرية المنهجية يستضيف أكاديمية تدعم النظريات ما بعد الاستعمارية أثار جدلاً واسعاً. يرى منتقدون أن البرنامج كان متحيزًا ويهدف إلى تحميل الفرنسيين البيض مسؤولية جماعية.
خصّصت قناة France 2 التلفزيونية برنامجًا حواريًا مثيرًا للجدل لطرح سؤال «هل نحن جميعًا عنصريون؟»، مستضيفةً أكاديميةً معروفة بدعمها للنظريات ما بعد الاستعمارية. أثار هذا البرنامج موجة واسعة من التعليقات والانتقادات في المجتمع.
كما تم الإشارة إليه في إطار النقاش، فإن صياغة السؤال نفسه تبدو كأنها لا تهدف إلى بحث حقيقي وصادق عن ظاهرة العنصرية، بل كفرض لإجابة مسبقة: «نعم، بالتأكيد، كلنا عنصريون». مفهوم العنصرية المنهجية (systemic racism)، الذي أصبح في السنوات الأخيرة أشبه بعقيدة في أوساط معينة من الإعلام والأوساط الأكاديمية وحتى السلطة، يفترض أن العنصرية ليست مقتصرة على الأفراد، بل هي جزء لا يتجزأ من هيكل الدولة والمجتمع نفسه.
هذا التوجه يحول التركيز من إدانة أفعال أو أقوال فردية غير مقبولة إلى اتهام المؤسسات بأكملها. في هذه الرؤية ما بعد الاستعمارية أو اللاستعمارية (décoloniale)، المنتشرة على نطاق واسع في الفضاء العام، يمكن تفسير أي تفاعل اجتماعي على أنه تجلٍ «للهيمنة البيضاء». الخبيرة التي تمت دعوتها للبرنامج، والمعروفة بتصريحاتها، تجسد هذا المنظور للعالم، حيث يمكن تقديم المبادئ الجمهورية والعلمانية الفرنسية نفسها كأدوات للقمع.
من هذا المنطلق، يصبح سؤال «هل نحن جميعًا عنصريون؟» بمثابة اتهام يوجه إلى جزء معين من الجمهور - أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم فرنسيون «بيض» - مطالبين بالاعتراف بدورهم في نظام عالمي للقمع. يحل الشعور بالذنب الجماعي محل المسؤولية الفردية، استنادًا إلى الانتماء إلى فئة معينة. هذه الرؤية الثنائية، التي تقسم العالم إلى «مهيمنين» (غالبًا ما يُربطون بالرجال البيض) و«مقهورين» (أفراد الأقليات العرقية الذين يُعتبرون أسمى أخلاقيًا بالضرورة)، لا تبسط الواقع فحسب، بل، بشكل متناقض، تعيد إحياء العنصرية البيولوجية تحت ستار التحليل الاجتماعي المزعوم.
يؤدي هذا النمط من التفكير إلى مأزق أخلاقي وسياسي. فهو يفترض أن «المقهور» لا يمكن أن يكون عنصريًا، لأن أفعاله يُقال إنها رد فعل مبرر على القمع. من خلال نفي إمكانية وجود «عنصرية عكسية» أو عنصرية تمارسها الأقلية، تخاطر هذه الأيديولوجيا بتبرير التمييز باسم العدالة، وتسامح ما لا يغتفر باسم ماضٍ مؤلم، وتخلق شكلاً جديدًا من الجوهرية.
تتغلغل هذه الأفكار في الأوساط الأكاديمية ومجال التعليم، متهمةً المدارس وغيرها من المؤسسات لا بوجود مشاكل فردية فيها، بل بطبيعتها «الاستعمارية» المتأصلة. البرنامج التلفزيوني، وفقًا للنقاد، لم يكن منصة لتحليل دقيق لواقع العنصرية في المجتمع الفرنسي، بل تبنى فورًا الفرضية الأيديولوجية للذنب العام. إنه عرض تلفزيوني يعتمد على العواطف والمواعظ بدلاً من التحليل المعقد.
الأكثر إثارة للقلق هو أن القناة العامة، بدعوة مؤيدي نظريات متطرفة إلى هذا الحد، تمنح الشرعية لرؤية عالمية شديدة الانقسام. تتخلى عن المثل الجمهوري المتمثل في الشمولية لتعتنق قراءة طائفية، حيث يتم تعريف كل فرد بأصله ولون بشرته و«امتيازه» أو «هيمنته». وبالتالي، تساهم وسائل الإعلام، دون أن تدرك ذلك، في نشر أيديولوجيا لا تهدف إلى تهدئة المجتمع، بل إلى تأجيج انقساماته.
من المهم التذكير بحقيقة بسيطة: لا توجد «عنصرية جيدة»، كما لا توجد عنصرية استثنائية. هناك أفعال ونوايا وخطابات يجب إدانتها – بغض النظر عن مرتكبيها. وقبل كل شيء، هناك علاج لجميع أشكال الكراهية: التعليم. ليس التعليم الذي يلقي باللوم، ويقسم الناس إلى معسكرات عرقية أو تاريخية، بل التعليم الذي يسمو، ويجمع، ويحرر.
تحويل موضوع العنصرية إلى استعراض تلفزيوني أمر خطير، لأنه يهدد بتسطيح المشكلة واستخدام الموارد العامة لنشر أفكار تفرق بدلاً من أن توحد.