
في كلمات قليلة
كشف تقرير حديث عن موجة استقالات غير مسبوقة بين رؤساء البلديات في فرنسا، بلغت نحو 6% من إجمالي العدد. السبب الرئيسي يعود إلى التوترات والصراعات الداخلية ضمن المجالس البلدية. الظاهرة تعكس تحديات تواجه المسؤولين المحليين في مختلف أنحاء البلاد.
تشهد فرنسا موجة استقالات غير مسبوقة بين رؤساء البلديات، حيث كشف تقرير حديث عن الأسباب التي تدفعهم لترك مناصبهم. وفقاً لتقرير جديد صادر عن جمعية رؤساء البلديات الفرنسية بالتعاون مع مراكز بحثية، فإن حوالي 2500 رئيس بلدية استقالوا من مهامهم. يمثل هذا الرقم حوالي 6% من إجمالي عدد رؤساء البلديات في البلاد، وهو مستوى لم يتم تسجيله من قبل.
التقرير، الذي صدر مؤخراً، يشير إلى أن أكثر من رئيس بلدية واحد يستقيل يومياً. السبب الرئيسي وراء هذه الاستقالات يعود في الغالب إلى التوترات والصراعات الداخلية ضمن المجالس البلدية. في ما يقرب من ثلث الحالات المسجلة (31%)، تكون هذه الصراعات داخل الأغلبية المنتخبة نفسها، مما يجعل العمل المحلي تحدياً كبيراً للمسؤولين.
هذه الظاهرة لا تقتصر على نوع معين من البلديات أو منطقة محددة، بل تؤثر على مختلف أنحاء البلاد. رؤساء بلديات سابقون شاركوا تجاربهم الشخصية والأسباب التي دفعتهم للاستقالة.
يتحدث أحدهم، برنار، الذي ترأس بلدية صغيرة يبلغ عدد سكانها 250 نسمة لمدة عام ونصف فقط بعد وفاة سلفه. يصف كيف كانت الأغلبية في مجلسه ترفض معظم مشاريعه، حتى تلك الضرورية مثل إصلاح سقف المدرسة المتضرر أو تغيير النوافذ لتحسين التدفئة.
يقول برنار: «بدأت أشعر بضيق شديد. لم أتمكن من إصلاح سقف المدرسة المتهالك، ولا تغيير النوافذ لتحسين التدفئة وتقليل الاستهلاك... كان الرفض منهجياً وبدون سبب واضح. بدون نقاش. إذا لم يكن هناك نقاش، فلا ديمقراطية».
كان يخرج من اجتماعات المجلس يشعر «بالاستياء الشديد»، مشيراً إلى أن «هناك الكثير مما يجب فعله للحفاظ على جمال القرية كما هي». القشة التي قصمت ظهر البعير كانت تلقيه للإهانات، مما دفعه لتقديم استقالته. يقول: «لإنقاذ صحتي. لقد كان ذلك ينهكني لعدة أشهر».
على بعد حوالي خمسين كيلومتراً، في بلدية أخرى يبلغ عدد سكانها 3500 نسمة، جيرار أيضاً تخلى عن منصبه بعد أربع سنوات من الخدمة. يشعر أنه كان معزولاً جداً داخل أغلبيته. يوضح: «كان لدي نائب أول لم أكن أراه تقريباً أبداً. نواب آخرون كنت أراهم مرة واحدة فقط في الشهر. هؤلاء أشخاص تم انتخابهم معي، لذلك لم أقل شيئاً أبداً. انتظرت طويلاً جداً قبل أن أضرب بقبضتي على الطاولة وأقول لهم: 'اسمعوا، إذا استمر الوضع هكذا، سأسحب منكم تفويضاتكم'. أعتقد أن ذلك كان خطأ في اختيار الفريق».
في حين نجح جيرار في إنجاز جزء كبير من مشاريعه، لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لماري-أنيت. نوابها، الذين كانوا على خلاف معها، استقالوا، مما أدى إلى انتخابات جديدة خسرتها.
تقول ماري-أنيت: «عندما تبني مشروعاً جماعياً، يكون من المدهش دائماً أن يتخلى عنه بعض الأشخاص هكذا، بين عشية وضحاها. لا تشعر بذلك بشكل جيد دائماً لأنه يؤدي إلى تأخير كبير في المشاريع التي كانت قد بدأت».
يعتبر رئيس جمعية رؤساء البلديات الريفية في إحدى المقاطعات أن هذه الأمثلة ليست سوى انعكاس للمجتمع بشكل عام. يشير إلى أن البلديات الصغيرة قد يكون لديها عدد محدود من المستشارين، ورؤساء البلديات الذين يشكلون قوائمهم لا يختارون أصدقاءهم بالضرورة، بل يبحثون عن أشخاص يثقون بهم. ومع ذلك، يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يشعروا بالإرهاق أو أن تكون لديهم أسباب شخصية لعدم حضور جلسات المجلس. يرى أن هذا أمر طبيعي في أي فريق، كما هو الحال في الشركات أو الجمعيات. ورغم ذلك، يذكر بأن دراسة أخرى أظهرت أن 70% من المنتخبين في المناطق الريفية عبروا عن رضاهم عن مهامهم.