فرنسا: عام على حل البرلمان.. مواطنون يشككون في قدرة السياسيين على التوافق

فرنسا: عام على حل البرلمان.. مواطنون يشككون في قدرة السياسيين على التوافق

في كلمات قليلة

بعد عام على حل الجمعية الوطنية الفرنسية، يعبر المواطنون عن شكوك عميقة وخيبة أمل في قدرة الطبقة السياسية على العمل معاً. تتنوع المشاعر من الاستسلام إلى الآمال الحذرة في التغيير على المستوى المحلي.


بعد عام من قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية (البرلمان) في أعقاب فوز حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف في الانتخابات الأوروبية، لا تزال فرنسا تعيش حالة من الانقسام السياسي. الانتخابات البرلمانية المبكرة أسفرت عن ثلاثة تكتلات رئيسية، ورغم أن محاولة تشكيل ما سُمي بـ«الحاجز الجمهوري» ضد اليمين المتطرف نجحت في كبح تقدمه، إلا أنها لم تسفر عن تشكيل أغلبية مستقرة.

عاد صحفيون إلى دائرة انتخابية كانت قد شهدت انسحاب مرشح اليسار لدعم تيار الوسط بهدف منع فوز مرشح «التجمع الوطني». تقع هذه الدائرة في إقليم لواريه وتشمل مناطق ريفية وضواحي مدينة أورليان، بما في ذلك أحياء سكنية راقية وأخرى شعبية.

في الجولة الأولى عام 2024، كانت المنافسة شرسة بين حزب «النهضة» التابع للرئيس، و«الجبهة الشعبية الجديدة» اليسارية، و«التجمع الوطني». المرشحة اليسارية، غيسلين كوونوفسكي، احتلت المركز الثاني بفارق 69 صوتاً فقط، وقررت الانسحاب من السباق.

توضح كوونوفسكي، الصيدلانية المتقاعدة التي عملت لمدة 30 عاماً في حي يعتبر «حساساً» ويقطنه أشخاص من أكثر من 70 جنسية، سبب قرارها. هي لا تندم على الانسحاب، معتبرة أن «الحاجز الجمهوري نجح»، لكنها تأسف لأنه لم يؤد إلى أغلبية واضحة. قرارها كان متوافقاً مع التزامها الجمهوري. تتذكر كيف واجهت صعوبة في إقناع ناخبيها الذين كانوا يعرفون بفارق الأصوات الضئيل، حيث لم يروا «الخطر الذي كان يكمن وراء ذلك - نائبة إضافية من التجمع الوطني، وربما أغلبية في الجمعية الوطنية». تقول إنها كانت تسألهم: «أنتم يا أهل الأحياء الشعبية، ماذا سيحدث لكم؟»

ما هي آراء هؤلاء الناخبين بعد عام؟ في نفس الحي بأورليان، داخل مباني الإسكان الاجتماعي، تلتقي الصحفيون مع حفصة. تتذكر حفصة انسحاب مرشحة اليسار في الانتخابات التشريعية. تقول: «منعت التجمع الوطني من الفوز؛ كانت محقة، ولكن ربما لو بقيت حتى النهاية لكانت هناك دفعة صغيرة، لا نعرف». حفصة، التي ترتدي الحجاب، تشير إلى أن «الحاجز الجمهوري» لم يوقف تقدم أفكار «التجمع الوطني»: «الأمر مخيف بعض الشيء، لا نعرف إلى أي اتجاه نسير، لذا يجب أن نتحرك أكثر، خاصة نحن الشباب». قلقها يعكس مخاوف جزء من السكان، وخاصة الأقليات، من صعود اليمين المتطرف.

جار حفصة، لويك، الذي يعمل في محطة غسيل سيارات وهو أب مطلق، فقد أي رغبة متبقية لديه في التصويت خلال عام واحد. يأسف لويك قائلاً: «انظروا إلى رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا، هذا عبث!». يرى أن رئيس الوزراء لا يستطيع أداء عمله في وقت قصير جداً، الوقت كان قصيراً للغاية. يتساءل: «كيف لا يستطيعون التوافق؟ سواء كانوا من اليمين أو اليسار، هناك حقائق لا يمكن تجاوزها». يعيش في هذا الحي ويرى أن «السكان هنا متنوعون جداً ومحترمون جداً». يعترف بأنه «هناك أشياء لا تسير على ما يرام بالتأكيد، لكن ليس لأنهم أجانب، هذا لا علاقة له بالأمر». يتمنى لويك مناخاً سياسياً أكثر هدوءاً. يعتقد أنه يجب الاقتراب من الناس، التحدث معهم، معرفة تطلعاتهم. يقول بثقة: «الحلول موجودة، لكنها ليست عند المتطرفين، هذا مؤكد».

في هذه الدائرة الانتخابية، صوت 28% من الناخبين لصالح «التجمع الوطني» في الجولة الأولى، خاصة في المناطق الريفية. في مارو-أو-بريه، وهي بلدة صغيرة بالقرب من أورليان يقطنها 1700 نسمة، يقابل الصحفيون كليمان. كليمان، وهو شاب عسكري، صوت لصالح «التجمع الوطني» في الجولتين، مثل أربعة من كل عشرة ناخبين في هذه البلدة، ولا يزال غير راضٍ عن «الحاجز الجمهوري». يقول: «هذا ليس طبيعياً. إنه أشبه بالغش. أشعر بالإحباط بالتأكيد لأننا نتمنى أن يتغير شيء، وفي النهاية لا يتغير شيء، وفي الحقيقة لن يتغير أبداً».

ينتظر الشاب العسكري الانتخابات القادمة دون قناعة، وكذلك ميشيل، 30 عاماً، عامل في مستودع أمازون. يقول: «في الانتخابات الرئاسية، صوتت لصالح مارين لوبان. لماذا لا نجرب؟ على أي حال، لا يمكن أن يكون الوضع أسوأ. لكن في الأساس، أشعر أنه بغض النظر عمن نصوت له، فلن يتغير شيء».

ومع ذلك، لا يزال البعض، وخاصة النشطاء، يحتفظون ببعض الأمل. في وسط مدينة أورليان، يلتقي الصحفيون مع أنصار ماكرون، الذين يلعبون دوراً صعباً حالياً. توضح إحدى الناشطات: «عملنا كناشطين هو أن نكون على الأرض، وأن نستمع إلى الناس. الفكرة الجيدة ليست إذا كانت من اليمين أو اليسار». يتساءل ناشط آخر: «هل يمكن للانتخابات البلدية أن تسمح بإحراز تقدم في هذا الصدد؟ حتماً ستتشكل ائتلافات في المدن الكبرى. يمكننا أن نأمل في وجود مسؤولين منتخبين سينشرون الكلمة الصحيحة، ثم يدافعون عنها لاحقاً في الجمعية الوطنية».

هناك أمل في أن تعطي الانتخابات البلدية دفعة للحياة السياسية لأنها تتناول القضايا اليومية للفرنسيين. رغبة في الهدوء والاستقرار: خلال يومين في دائرة لواريه هذه، لم يسمع أحد يطالب بحل جديد للبرلمان.

هذا الخبر ليس مقالاً إعلانياً.

نبذة عن المؤلف

أندريه - صحفي رياضي، يغطي الرياضات الأمريكية. تتيح تقاريره عن مباريات NBA وNFL وMLB للقراء الغوص في عالم الرياضة الأمريكية المثير.